فلو أمنهم وأمنوه، بشرط أنه لا يخرج من ديارهم، فليقم ولا يهرب عنهم. قال أبو الحسن اللخمي: " هذا إذا عاهدوه، فأما إن استحلفوه بالطلاق أو العتاق، لم يلزمه الوفاء، وجاز له الهرب ". قال: " ثم لا يلزمه كطلاق ولا عتاق، لأنه مكره ".
ويجب على المبارز مع قرنه الوفاء (بشرطه)، فلو أثخن المسلم وقصد تدفيفه، منعناه على أحد القولين.
ولو خرج جماعة لإعانة (الكافر) استنجاده، قتلناه معهم، وإن كان بغير إذنه، لم نتعرض له.
ولو خرج جماعة لمثلهم، ففرغ بعضهم من قرنه، جازت إعانة من ظفر لمن لم ي ظفر في القتل والدفع، كما فعل علي وحمزة رضي الله عنهما مع عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب.
ويتم النظر في مشارطات الكفار برسم مسائل.
الأولى: إذا أخل ببضع الأركان، كما إذا أمن من قلنا: لا يؤمن، أو ظن العلج الأمان ولم يرده المؤمن، أو أوهمه الأمان بغير أمان. ففي جميع ذلك يرد المؤمن إلى مأمنه ولا يغتال، فأما لو فقد الشرط، بأن كان عينا أو جاسوسا لقتل، ولم يرد.
الثانية: إذا قال رجل من الصحن: أفتح لكم على أن تؤمنوني على عشرة أرؤس من الرقيق، أو عشرة أفراس من الكراع هن أعطاه ذلك المسلمون، وكذلك على ألف درهم.
الثالثة: المستأمن رع إلى داره، فما خلفه عندنا من وديعة أو يدن، بعث به إليه.
وإن مات فغلى ورثته إن عرفوا، وإن لم يعرفوا فإلى طاغيتهم، إلا أن يجاهد، فيقتله المسلمون عبد الأسر، فيكون ماله للجيش الذي أسره، لأنه ملك رقبته، بخلاف ما إذا قتل دون أسره.
الرابعة: إذا حاصرنا أهل قلعة، فنزلوا على حكم رجل صح إذا كان ذلك الرجل عاقلا عدلا بصيرا بمصالح القتال، وإن حكم بقبول الجزية، أجبروا عليه، ولو حكموا فاسقا، صح.
ثم إذا حكم تعقب الإمام حكمه، فإن رآه نظرا للإسلام، وإلا رده، وولي هو الحكم بما يراه نظرا، ولا يردهم إلى مأمنهم.
ولو حكم العدو ذميا أو امرأة أو صبيا أو عبدا وهم عالمون به، لم يجز حكمهم، وليحكم الإمام بما يراه، لأنهم رضوا بأقل المسلمين، أو بمي فرددناهم إلى حكم من هو أعلى وأفضل، فلا حجة لهم.