والنظر ي ضمان سراية الفعل المأذون في عينه أو جنسه، وضمان الصائل وإتلاف البهائم.
النظر الأول: في ضمان السراية. "قال ابن القاسم: لا ضمان على الطبيب والحجام والخاتن والبيطار إذا مات أحد مما صنعوا [به]، إن لم يخالفوا.
قال مالك: ومعلم الكتاب أو الصنعة إن ضرب صبياً ما يعلم أنه من الأدب فمات فلا يضمن، وإن ضربه لغير الأدب تعديًا، أو أدبه فجاوز به الأدب، ضمن ما أصابه من ذلك.
وكذلك الطبيب يعالج إنسانًا فيؤتي على يده، فغن لم يكن له بذلك علم ودخل فيه جرأة وظلمًا، وكان مثله لا يعمل مثل هذا ولا يعرفه، فليستأدى عليه، وليقدم إليهم الإمام في قطع العروق وشبه ذلك ألا يتقدم أحد منهم على مثل هذا إلا بإذنه، وينهوا عن الأشياء المخوفة التي يتقى منها الهلاك، ولا يتقدموا فيها إلا بإذن الإمام. وأما المعروف بالعلاج فلا شيئ عليه".
وقال القاضي أبو محمد:"ما أتى على يد الطبيب مما لم يقصده فيه روايتان، إحداهما:
أنه يضمنه لأن قتل خطأ؛ والأخرى: أنه لا يضمنه لأنه تولد عن فعل مباح مأذون له فيه، كالإمام إذا حد إنسانًا فمات".
وقال محمد بن حارث: انظر فكل من فعل فعلاً يجوز له أن يفعله بلا تخطير، ففعله على وجهه فعلاً صوابًا، فتولد من نفس ذلك الفعل هلاك [نفس] أو ذهاب جارحة أو تلف مال، فإنه لا ضمان على ذلك الفاعل. وإن كان إنما أراد أفعل الفعل الجائز فأخطأ ففعل فإنه لا ضمان على ذلك الفاعل. وإن كان إنما أراد أن فعل الفعل الجائز فأخطأ ففعل غيره، أو جاوز فيه الحد، أو قصر فيه عن المقدار، ف ما تولد عن ذلك فهو ضامن له، قال: وما خرج من هذا الأصل فمردود إليه.
وفي العتبية قال عيسى: "من غر من نفسه لم يضمن، ودية ذلك على عاقلته. قال