عليه، أو أقر بأنه كان أتى جناية من هذه الجنايات، ولو يقم عليه حدها لأقيم عليه الآن، وإن كان من أحسن الناس حالاً، وأجملهم سيرة، وأجلهم قدرًا، ولو طال الزمان وتمادى الأمر البعيد.
الجناية السادسة: الحرابة، والنظر في ثلاثة أطراف:
الطرف الأول: في صفة المحاربين، وحكم قتالهم.
أما صفتهم، فإن المشهرين السلاح قصد السلب محاربون، كان ذلك في مصر أو قفر، صدر من ذي شوكة، أو ممن لا شوكة له، ولا تشترط الذكورة، ولا آلة مخصوصة، فقد يقتل المحارب بالحبل أو [بالحجر]، وقد يقتل بغير آلة كالخنق باليد وبالفم وبغير ذلك، وهو محارب وإن لم يقتل، وقد يخرج بالسلاح، وقد لا يحتاج إليه. وكل من قطع الطريق ,اخاف الناس، فهو محارب. وكذلك من حمل عليهم السلاح بغير عداوة ولا نايرة، فهو محارب. وقتل الغيلة أيضًا، من الحرابة، وهو أن يغتال رجلاً أو صيباً فيخدعه حتى يدخله موضعًا فيأخذ ما [معه]، فهو كالحرابة. ولو دخل دارًا بالليل (وأخذ) المال بالمكابرة ومنع الاستغاثة، فهو محارب. والخناقون، والذين يسقون الناس السيكران ليأخذوا أموالهم محاربون. وكل من قتل أحدًا على ما معه، قل أو كثر، فهو محارب، فعل ذلك بعبد أو حر، مسلم أو ذمي.
وأما حكم قتالهم، فقال مالك وابن القاسم:"جهادهم جهاد". وفي كتاب محمد قال: ولم يختلف قول مالك وأصحابه في إجازة [قتال] المحاربين.
(قال مالك: ويناشد المحارب الله تعالى ثلاثًا، وإن عاجله قاتله. وقال عبد الملك: لا يدعوه، وليبادر إلى قتله.
"وفي كتاب ابن سحنون وغيره: قال مالك: يدعى اللص إلى التقوى، فإن أبى (فقاتله)،