فأما إذا جرح نفسه عمدًا وجرحه غيره عمدًا، أو جرحه مسلم، وجرحه حربين أو جرحه آدمي وسبع، فالمسألة على قولين. ولو جرحه إنسان ثم ضربته دابة فمات فلا يدري من أي ذلك مات، فقال ابن القاسم: نصف الدية على عاقلة الجارح، قيل: أبقسامه؟، قال: وكيف يقسم في نصف درية، وقال ايضًا في المجموعة: إن فيه القسامة. وقال: إذا جرح ثم مرض فمات ففيه القسامة وقال: إذا جرحه رجل ثم ضربته دابة أو وقع من فوق جدار فأصابته جراح أخر، ثم مات فلا يدري من أي ذلك مات، فلهم أن يقسموا لمات من جرح الجارح وهو كمرض المجروح بعد الجرح، قال محمد: ولو كان إنما طرحه إنسان من على ظهر بيت أقسموا على أيهما شاءوا على الجارح أو على الطارح وقتلوه وضرب الآخر مائة (وحبس) عامًا.
وقال مالك: إذا مرض المجروح فمات فليقسموا لمات من ضربه في الخطأ والعمد. وإذا تملأ جمع على واحد، وضربه كل واحد سوطًا فمات، وجب القصاص على الجميع.
[الفصل الأول: في تغيير الحال بين الرمي والجرح، وبين الجرح والموت]
ولنسرد الفروع ممتزجة متتالية، فنقول:
إذا تغير حال (الرمي) قبل إصابة السهم ثم أصابه، فالاعتبار عند ابن القاسم بحال الإصابة، وعند سحنون بحال الرمي، فلو رمي عبدًا ثم عتق ثم أصاب سهمه فقال سحنون: الجناية في رقبته اعتبارًا بحال الرمي.
قال الأستاذ: أبو بكر: ومن يعتبر حال الإصابة يجعل الدية على عاقلته. وعكس هذا لو رمي إلى عبد فعتق قبل الإصابة، فعلى الأصل الأول تجب دية حر، وعلىالأصل الثاني قيمة عبد. ولو رمى إلى عبد نفسه ثم أعتقه قبل إصابته، ف على الأصل الأول الدية عليه، وعلى الأصل الثاني لا شيئ عليه. ولو رمى إلى مرتد فأسلم (أو حربي) فأسلم ثم أصابه السهم فقتله أو جرحه، فقال سحنون: لا قصاص على الرامي لأنه رمى ي وقت لا قود فيه ولا عقل. قال ابن سحنون: وعليه، في قول ابن القاسم، الدية إن مات حالة في ماله، وإن لم يمت فدية الجرح حالة في ماله، لأنه لو جرح وهو مرتد ثم نزي في جرحه فمات بعد أن أسلم، فإن ولاته يقسمون لمات منه، وتكون ديته في ماله ألا ترى أنه لو رمى صيدًا وهو حلال، فلم تصل إليه الرمية حتى أحرم ثم أصابته، فعليه جزاؤه.