الحكم الأول: منع التصرف في المال الموجود عن ضرب الحجر بوجوه التبرع كالعتق والهبة والوصية، والبيع بالمحاباة في معنى التبرع، أما ما كان من غير محاباة فهو موقوف على إجازة الغرماء.
واختلف في (عتقه) أم ولده فأمضاه ابن القاسم في الكتاب. ورده المغيرة في كتاب ابن سحنون وقال: ليس هو كطلاقه لزوجته، بل هي كرقيقة في ارتفاقه بها.
ثم إذا قلنا: يمضي عتقها، فقال مالك في كتاب محمد: يتبعها مالها. وقال ابن القاسم: لا يتبعها إلا أن يكون يسيراً.
فأما ما لا يصادف المال من تصرفه كالطلاق والخلع واستيفاء القصاص، وعفوه، واستلحاف النسب ونفيه باللعان واختطابه واتهامه وقبول الوصية فهو صحيح. (وكذلك) شراؤه على أن يقضي الثمن من غير ما حجر عليه فيه.
(وأما إقراره بالدين فإن (كان استحقاق غير) المقر له من الغرماء بغير بينة، بل بإقراره، فيجوز ذلك لمن أقر له في ذلك المجلس وبلفظ واحد أو قرب بعض ذلك من بعض. قاله مالك في كتاب محمد).
وإن كانت الديون الأولى تثبت ببينة فلا يجوز إقراره لمن لم يثبت دينه من الغرماء في وقت الحجر عليه، لأنه يدخل نقصاً على من ثبت دينه بالبينة بمجرد قوله، وذلك غير جائز له مع الحجر عليه.
ثم حيث قلنا: لا يقبل إقراره في المال المحجور عليه فيه فما أقر به من ذلك واجب في ذمته. فإن أفاد مالاً غير ما حجر عليه فيه قضى مما أفاد ما أقر به.
وأما لو قال: هذا قراض فلان أو وديعته، وعلى أصلها بينة، فأجاز ابن القاسم إقراره، ولم يجزه أشهب إلا ببينة على التعيين، ورواه عن مالك.