ثم حيت لم يكن للقيط مال، فمن أنفق (عليه) حينئذ فلا رجوع له عليه إلا أن يأتي رجل فيقيم البينة أنه إبنه فيتبعه بنفقة إن كان طرحه متعمدًا، إلا أن يكون قد أنفق عليه حسبة فلا رجوع له عليه بحال. وقال أشهب: لا شيء على الأب بحاله، لا، المنفق (محتسب). وقال سحنون: إن أنفق ليتبعه، فطرأ له أب تعمد طرحه أتبعه، وإن أنفق حسبة لم يرجع. وكذلك لو ضل صبي من أبيه، فأنفق عليه إنسان، فلا يتبع أباه بشيء، إذ هو من باب الاحتساب.
وحيث أشكل الأمر ولم تظهر علامة تدل على الحسبة أو التبرع، فالقول قول المنفق مع يمينه في أن ما أنفق إلا ليرجع.
الباب الثاني: في أحكام اللقيط، وهي أربعة:
الحكم الأول: إسلامه.
والإسلام يحصل استقلالاً بمباشرة البالغ، وبمباشرة المميز أيضًا في ظاهر المذهب ظاهرًا وباطنًا. ويجبر عليه إن رجع عنه، حتى أنه إن بلغ وأقام على رجوعه كان مرتدًا يقتل.
فأما إذا ارتد صغيرًا فتصح ردته عند ابن القاسم، ولا تؤكل ذبيحته ولا يصلي عليه.
وقال سحنون: لا تصح ردته، وتؤكل ذبيحته، ويصلى عليه والاتفاق على أنه لا يقتل بردته صبيًا. وروي أنه لا يصير مسلمًا إلا بعد البلوغ.
وأما الصبي الذي لم يميز والمجنون، فلا يتصور إسلامها إلا تابعًا. وللتبعية ثلاث جهات:
الجهة الأولى: إسلام الأب، فيتبعه ولده، ولا يتبع أمه. وقال ابن وهب: يتبع من أسلم من أبويه. وحيث حكمنا بالتبعية فبلغ وأعرب عن نفسه بالكفر، فهو مرتد.
الجهة الثانية: تبعية السابي المسلم، فمتى استرق طفلاً دون أبيه حكم بإسلامه، وإن استرقه ذمي. لم يحكم بإسلامه. ثم حكم هذا الصبي المسترق حكم من قضي بإسلامه تبعًا لأبيه إذا بلغ.