الجهة الثالثة: تبعية الدار، وهي المقصود، فكل لقيط وجد في قرى الإسلام ومواضعهم فهو مسلم، وإن كان في قرى الشرك وأهل الذمة وموضعهم فهو مشرك. وقال أشهب: إن التقطه مسلم فهو مسلم].
(ولو وجد في قرية ليس فيها إلا الاثنان والثلاثة من المسلمين فهو مشرك، ولا يعرض له إلا أن يلتقطه مسلم فيجعله على دينه). وقال أشهب: حكمه في هذه، أيضًا، الإسلام، التقطه مسلم أو ذمي، لاحتمال أن يكون لمن فيها من المسلمين، كما أجعله حرًا، وإن كنت لم أعلم أحر هو أم عبد، لاحتمال الحرية، لأن الشرع رجح جانبها.
الحكم الثاني: نسب اللقيط.
وإن استلحقه الملتقط أو غيره، فلا يلحق إلا ببينة، أو يكون لدعواه وجه، كرجل عرف أنه لا يعيش له ولد، فزعم أنه رماه لأنه سمع: إذا طرح عاش. ونحو ذلك مما يدل على صدقه. وقيل: لا تثبت فيه دعوى إلا ببينة. وقال أشهب: يلحق بمجرد الدعوى. وإن لم يكن هذا ادعاه ملتقطه أو غيره، إلا أن يتبين كذبه. قال الشيخ أبو إسحاق: وهو الاختيار، قال: وربما طرح الناس أولادهم من الإملاق وغيره.
وإذا استلحق الذمي لقيطًا وأقام بينة على تصديقه لحق به وكان على دينه، إلا أن يسلم قبل ذلك ويعقل الإسلام، فيكون مسلمًا.
وإن استلحقت اللقيط امرأة ادعت أنه ولدها، فقال ابن القاسم: لا يقبل منها، وإن جاءت بما يشبه من العذر. وقال أشهب: يقبل قولها وإن قالت: من زنى، حتى يعلم كذبها. وقال محمد: تصدق في الزنى وتحد، وأما من زوج لها فلا، إلا أن يدعيه فيلحق به.
الحكم الثالث: حريته ورقه.
وهو على الحرية، لا يقبل فيه دعوى (الرق) من أحد إلا ببينة. قال مالك: ولا يقبل إقراره هو على نفسه بالرق، وليس له أن يرق نفسه. قال الشيخ أبو عمرو:"لم يختلف في ذلك أصحاب مالك".