فإن أظهروا معتقدهم في المسيح أو غير ذلك، مما لا ضرر فيه على مسلم عزرناهم، ولا ينتقض به العهد، وإنما ينتقض بالقتال، ومنع الجزية، والتمرد على الأحكام، وإكراه المسلمة على الزنى.
فإن أسلم لم يقتل، إذ قتله لنقض العهد لا للحد، وكذلك التطلع إلى عورات المسلمين.
أما قطع الطريق والقتل الموجب للقصاص، فحكمهم فيه حكم من ف عله من المسلمين.
وإن تعرض أحد منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لغيره من الأنبياء بالسب، وجب عليه القتل، إلا، يسلم. وروي: يوجع أدبا، ويشرد به، فإن رجع عن ذلك قبل منه.
وأم المسلم، فهو إن كذب على رسول الله عزر، وإن كذبه فهو مرتد، وإن سب الله تعالى أو رسوله أو غيره من الأنباء قتل حدا، ولا يسقط القتل عنه بالتوبة. وقيل: حكمه حكم المرتد.
العقد الثاني: عقد المهادنة، والنظر في شروحه وحكم.
أما الشروط فأربعة:
الأول: أن لا يتولاه إلا الإمام.
الثاني: أن تكون للمسلمين إليه حاجة، فإن كانوا مستظهرين على العدو، لم تجز الهدنة، وإن بذل العدو المال؛ لقوله تعالى:{فلا تهنوا وتدعا إلى السلام وأنتم الأعلون}، قال في كتاب ابن المواز: ولقد طلب الطاغية ذلك إلى عبد الله بن هارون، وبذلوا مائة ألف دينار كل عام، فشاور الفقهاء فقالوا له: إن الثغور اليوم عامرة، فيها أهل البصائر وأكثرهم نازعون من البلدان، فمتى قطع عنهم الجهاد تفرقوا، وخلت الثغور للعدو، والذي يصيب أهل الثغور نهم أكثر من مائة ألف، فصوب ذلك ورجع إلى رأيهم.
وقال ابن الماجشون: إذا كان الإمام على رجاء من فتح حصن، لم ينبغ له أن يصالحهم على مال، وإن كان على إياس منه لضعفه أو لامتناعهم، أو لما يخاف أن يدهمه من العدو فليفعل. وليس يحرم عليه أن يصبر عليهم إن كان ذا قوة.
قال ابن حبيب: ولا بأس أن يصالحوا على غير شيء يؤخذ منهم، وقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية على غير شيء. والمراعى في ذلك ما يراه الإمام الأصلح للمسلمين.
الثالث: أن يخلو عن شرط فاسد، كشرط ترك مسلم في أيديهم، وكذا ولو التزم مالا فهو فاسد، إلا إذا ظهر الخوف، وتعين في دفعه ذلك.