لذلك أصلا. وفي آخر المسألة قيل لابن القاسم: أفتشهد أنك ابن القاسم ولا تعرف أباك ولا أنك ابنه إلا بالسماع، قال: نعم يقطع بهذه الشهادة، ويثبت بها النسب".
وأما الملك، فإنما يشهد به إذا طالت الحيازة وكان يفعل فيه من التصرف ما يفعل المالك من البناء والهدم ونحو ذلك، ولا ينازعه فيه أحد، وإن لم يعلم حين دخوله في ملكه وليس يكتفي بشهادة هؤلاء أنه يحوزها وإن طالت حيازته حتى يقولوا شهادتهم: إنه يحوزها بحقه، وإنها لم ملك. فأما من رأى من يشتري شيء امن سوق المسلمين، فلا يجوز له أن يشهد له بالملك، لأنه قد يشتري من غير مالك.
[الفصل الثاني: في وجوه التحمل والأداء]
أما التحمل: فحيث يفتقر إليه ويخشى تلف الحقوق لعدوه، فهو من فروض الكفايات، لأن إباية الناس كلهم عنه إضاعة للحقوق، وإجابة الكل إليه إضاعة للأشغال.
وأما الأداء: فيجب على من تحملها إذا كان متعينًا ودعي لأدائها من مسافة قريبة كالبريد والبريدين، فإن دعي من مسافة بعيدة لم يلزمه. وحيث قلنا باللزوم بقرب المسافة، فلو كانوا أكثر من إثنين فأدى منهم إثنان، واجتزأ بهما الحاكم لسقط الفرض عن الباقين، فإن لم يجتزي بهما تعين المشي إليه حتى يقع الإثبات إذا دعاهم صاحب الحق لإحياء حقه. (وإن كانوا اثنين فقط تعينا، فإن امتنع أحدهما وقال: أحلف مع الآخر، أثم). وكذلك لم يتعين وامتنع جميعهم لأثموا.
ولا يستحق الشاهد أجرة، لكن إن كانت المسافة بعيدة بحيث لا يلزمه الإتيان منها، فيجوز أن ينفق على الشاهد في إتيانه. وأما إن كانت المسافة مما يلزمه الإتيان منها، فلا يجوز له أن ينتفع من جهته، إلا ألا تكون له دابة ويشق عليه المشي، فيجوز له أن يركب دابة المشهود له لا غير.
وقال الشيخ أبو الوليد: "إذا ركب دابة المشهود له وله دابة، أو أكل طعامه والمسافة قريبة فقيل: تبطل شهادته، وقيل: لا تبطل.
ولو كان الشاهد لا يقدر على النفقة ولا على اكتراء دابة، وهو ممن يشق عليه الإتيان راجلاً، فلا تبطل شهادته (إن أنفق عليه المشهود له أو اكترى له دابة، وقيل): تبطل شهادته)