والمذهب الثالث:(أنه تجوز الذكاة بهما منفصلين، ولا تجوز متصلين، قاله ابن حبيب واختار القاضي أبو الوليد الرواية الأولى.
وشرط القاضي أبو الحسن في صفة ما يذكي به أن يفري الأوداج والحلقوم في دفعة واحدة. قال: ((وما كان من ذلك لا يفريها (إلا) دفعات، فلا تجوز الذكاة به، وإن كان حديداً)).
وقال ابن حبيب، في المنجل المضرس: لا خير في الذكاة به، لأنه (يردد) ولا إخاله يقطع، كما تقطع الشفرة، إذا (رددت) به اليد للإجهاز.
النظر الرابع: في صفة الذكاة.
وهي نوعان كما تقدم: ذبح، ونحر.
فأما ما يختص بالذبح: فكل ما يجوز أكل، ما عدا الإبل والبقر، ويدخل في هذا الطير على اختلاف أنواعه، ومنه النعامة، فإنها تذبح عندنا.
وأما ما يختص بالنحر، فالإبل. (وقال الشيخ أبو بكر: إذا نحر الفيل، فلا بأس بالانتفاع بعظمه وجلده. قال القاضي أبو الوليد: ((فخصه بالنحر مع قصر عنقه)). قال:((ووجه ذلك عندي أنه لا عنق له ولا يمكن، لغلظ موضع حلقه في اتصاله بجسمه، أن يذبح، وكان له منحر، فكانت ذكاته فيه)). ويجوز في البقر الوجهان، والذبح أفضل.
فرع: فإن ذبحت الإبل أو نحر غيرها مما ذكاته الذبح، للضرورة، لأنه وقع في مهواة، أو ما في معنى ذلك، جاز ذلك وحل أكلها، فإن لم تكن ضرورة لم تؤكل.
وقال أشهب في مدونته: إذا ذبح ما ينحر، أو نحر ما يذبح أكل إذا فعل، وبئس ما