وكذلك لو وقع بصيران في بئر، فإن الأعلى ضامن للأسفل، ولا ضمان على الأسفل إلا أن يكون (الوقوع بسببه).
ولو جذب رجلان حبلاً ف انقطع فتلفا، فدية كل واحد منهما على عاقلة الآخر. فإن تلف أحدهما فديته على عاقلة الآخر. وإن وقع أحدهما على إنسان أو متاع فأتلفه فالضمان عليهما.
[القسم الثالث من الكتاب: في بيان من عليه الدية]
وهي الجاني إن كانت الجناية عمدًا، أو العاقلة إن لم تكن عمدًا. واختلف في جراح العمد التي لا قود فيها، وفي مثل فعل المدلجي بابنه كما تقدم، والنظر في ركنين:
الأول: في جهات العقل، وصفة العاقلة
أما الجهات فثلاث: العصرية والولاء، وبيت المال، أما الموالاة والمخالفة فلا توجب (تحمل) العقل.
الجهتة الأولى: القرابة. وهي كل عصبة، ويدخل فيها الأب والابن. وفي دخول الجاني فيالتحمل روايتان. وألحق بالقرابة الديون (بعلة) التناصر، فإذا كان القاتل من أهل ديوان مع غير قومه حملوا عنه دون قومه، وحمل عنهم كما يحمل عنه قومه سواء كانوا أهل ديوان أم لا، ثم إن اضطر أهل ديوان إلى (معونة) قومهم لقتلهم أو لانقطاع ديوانهم أعانوهم. وقال أشهب: إنما يحمل عنه أهل الديوان إذا كان العطاء قائمًا، وإلا فأهله يحملون عنه.
الجهة الثانية: الولاء. فإذا لم تصادف عصبةفعلى معتق الجاني وهو المولى الأعلى، فغن لم يكن، فاختلف في المعتق الأسفل، فقيل: يحمل، وقيل: لا يحمل شيئًا.
الجهة الثالثة: بيت المال. وإذا لم تجد العصوبة والولاء أخذنا من بيت المال إن كان الجاني مسلمًا، وإن كان ذميصا رجعنا على الذين يؤدون معه الجزية، أعني أهل إقليمه الذين يجمعه وإياهم أداء الجزية.
فإن لم يستقلوا ضم إليهم أقرب القربى منهم من كورهم كلها حتى يتسعوا. وإن كانوا أهل صلح فالدية على أهل ذلك الصلح.
أما الصفات فيشترط فيمن تضرب عليه: الحرية والتكليف والذكورة والموافقة في الدين واليسار. فلا تضرب على عبد ولا صبي ولا امرأة وإن كانت معتقة، ولا على مخالف في الدين، فلا يتحمل مسلم عن كافر، ولا كافر عن مسلم، ولا تضرب على فقير وإن كان يعتمل.