للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الثاني: إذا سأل أهل البغي الإمام العدل تأخيرهم أيامًا أو شهرًا حتى ينظروا في أمرهم، وبذلوا له على ذلك شيئًا، لم يحل له أن يأخذ شيئًا منهم، وله أن يؤخرهم إلى المدة التي سألوها ما لم يكونوا يقاتلون فيها أحدًا، أو يفسدون فلا يؤخرهم حينئذ.

الجناية الثانية: الردة، والنظر في حقيقتها وحكمها.

الطرف الأول: في الحقيقة، والردة عبارة عن قطع الإسلام من مكلف، وفي غير البالغ خلاف وتفصيل تقدم بيانه في كتاب اللقيط.

وظهور الردة إما أن يكون بالتصريح بالكفر، [إما] بلفظ يقتضيه، أو بفعل يتضمنه. ولا ينبغي أن تقبل الشهادة على الردة مطلقًا دون (تفصيل)، لاختلاف المذاهب في التفكير.

وإذا أظهر الاسير في دار الحرب التنصر ولم يدر أمركه هو أم طاعئ، والتبس ذلك علينا بعد البحث عن حقيقة أمره، فهو محمول على الطوع حتى يثبت الإكراه، ولو ثبت إكراهه لم يكن مرتدًا، كما أنه لو ثبت أختياره التنصير من غير إجبار لكان مرتدًا.

فرع: (روى ابن القاسم فيمن أسلم ثم ارتد عن قرب، وقال: إنما كان إسلامه عن ضيق ضيق عليه: إن عرف أنه عن ضيق ناله أو مخالفة أوشبهة، فعسى أن يعذر. وقاله ابن القاسم. وقال اشهب: لا عذر له ويقتل، وإن علم أن ذلك عن ضيق كما قال.

وقال أصبغ: قول مالك أحب (إلي)، إلا أن يقيم على الإسلام بعد ذهاب الخوف، فهذا يقتل. وقاله ابن وهب وابن القاسم إذا كان على ضيق أو عذاب أو غرم أو خوف. قال أصبغ: وذلك إذا صح ذلك، وكان زمان يشبه ذلك في جوره).

وقال محمد في النصراني يصحب القوم في سفر فيظهر الإسلام ويتوضأ ويصلي وربما قدموه، فلما أمن أخبرهم وقال: أصنع ذلك تحصنًا بالإسلاملئلا يؤخذ ما معي أو تؤخذ ثيابي ونحو ذلك، فذلك له إن أشبه ما قال، ويعيدون ما صولا خلفه في الوقتوبعده. وروى يحيي بن يحيي عن ابن القاسم عن مالك مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>