الأولى: أن يكون النشوز منها فيعظها، فإن هي قبلت، وإلا هجرها، فإن هي قبلت، وإلا ضربها ضرباً غير مخوف. فإن غلب على ظنه أنها لا تترك النشوز إلا بضرب مخوف لم يجز تعزيرها أصلاً.
الحالة الثانية: أن يكون العدوان منه بالضرب والإيذاء، فيزجر عن ذلك، ويجبر على العود إلى العدل.
الحالة الثالثة: أن يشكل الأمر، وقد ساء ما بينهما، وتفاقم أمرهما، وتكررت وشكواهما، ولا بينة مع واحد منهما، ولم يقدر على الإصلاح بينهما، فيبعث من جهة الحاكم أو من جهة الزوجين، أو من يلي عليهما حكمان لينظرا في أمرهما. ومن شرطهما أن يكونا عدلين فقيهين، والأكمل أن يكون حكم من أهله، وحكم من أهلها، فإن لم يكن لهما أهل، أو كان، ولم يكن فيهم من يصلح لذلك لعدم العدالة، أو لغير ذلك من المعاني، فإن الحاكم يختار حكمين عدلين من المسلمين لهما، أو عدلاً لأحدهما إن كان التعذر مختصاً به. ويستحب أن يكونا جارين. ثم المبعوثان حكمان لا وكيلان، وإن كان البعث من جهة الزوجين، ألا ترى أن للزوجة دخولاً في التحكيم، ولا مدخل لها في تمليك الطلاق. وقيل: بل هما وكيلان.
وإذا فرعنا على الأول، فينفذ تصرفهما في التطليق والخلع إن رأياه، لعجزهما عن الإصلاح من غير افتقار إلى إذن الزوج، ولا إلى موافقة حكم حاكم البلد.
والذي عليهما أن ينظرا، فإن قدرا على الإصلاح أصلحا، وإن لم يقدرا نظرا، فإن رأيا الإساءة من قبل الزوج فرقا بينهما، وإن كانت من قبل الزوج ائتمناه عليها، وإن رأيا صلاحاً أن يأخذا له منها شيئاً، ويطلقاها عليه فعلاً. وإن كانت منهما فرقا بينهما على بعض ما أصدقها، ولا يستوعبانه له وعنده بعض الظلم.
فرع: لو كان الحكمان مستجرحين، وعلم القاضي بذلك، لم ينفذ حكمهما، وفي نفوذه إذا لم يعلم خلاف. وكذلك لو كانا عبدين، والمنصوص ها هنا أنه لا ينفذ. ولو تراضى بهما الزوجان وهما مستجرحان لم يمض حكمهما. وقيل: يمضي.
قال بعض المتأخرين:((والخلاف في أكثر هذه المسائل ينبىء على تردد حكمهما بين التحكيم والتوكيل)).
ثم إذا حكما بالفراق مضى فعلهما، وكانت طلقة بائنة، وكذلك لو قالا: فرقنا أو طلقنا، أو حكمنا بالفراق أو الطلاق، فإن حكما بأكثر من واحدة، أو بثلاث، أو حكما بلفظة البتة، أو خلية أو برية، ونوى بها الحكمان ثلاثاً، لم يلزم في ذلك كله إلا واحدة فقط، دخل بها (أو لم