الباب الأول: فيما يفيد أهلية الشهادة، وما يفيد قبولها وما يمنع منه.
فأما ما يفيد أهليتها فثلاثة أوصاف، وهي: التكليف، والحرية والإسلام. فلا تقبل شهادة غير مكلف، ولا يستثنى من ذلك إلا شهادة الصبيان [بعضهم] على بعض في الدماء على شروط يأتي بيانها، وإنما استثنيت لأن الشرع ندب إلى تعليمهم الرمي والثقاف والصراع إلى سائر ما يدربهم على حمل السلاح والطعن والضرب، والكر والفر وتوقيح أقدامهم وتصليب أعضائهم، وتعليمهم البطش والحمية والأنفقة من العار والفرار، ومعلوم أنهم في غالب أحوالهم يخلون بأنفسهم في ذلك وقد يجني بعضهم على بعض. فلو لم يقبل قول بعضهم على بعض لأهدرت دماؤهم، لا سيما وقد احتاط الشرع (فحقن) الدماء حتى قبل فيها اللوث واليمين وإن كان لم يقبل ذلك في درهم واحد.
وعلى قبول [شهادتهم] تواطأت مذاهب السلف الصالح رضوان الله عليهم، فلقال به من الصحابة علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. ومن التابعين سعيد بن المسيت وعبد الله وعروة إبنا الزبير ومحمد بن علي بن الحسين وعمر بن عبد العزيز