والأصح. وبالأولى قال ابن القاسم، وبالثانية قال ابن وهب وأشهب.
الركن الرابع: النكول.
ولا يثبت الحق بمجرده، لكن ترد اليمين على المدعى إذا تم نكول المدعى عليه. ويتم نكوله بأن يقول: لا أحلف، أو أنا ناكل، أو يقول للمدعي: احلف، أو يتمادى على الامتناع من اليمين، فيحكم القاضي بنكوله. ثم حيث تم نكوله، ثم قال: أنا أحلف، ليم يقبل منه.
وينبغي أن يعرض القاضي اليمين على المطلوب ويشرح له حكم النكول. ثم المدعي إن نكل فنكوله كحلف المدعى عليه، وإن حلف استحق. ولو قال: أمهلوني، أمهل. وإن قال المدعى عليه: إن بيني وبينه حسابًا، وسأل المهلة حتى يراجع حسابه، أمهل اليومين والثلاثة، بعد إقامة كفيل بوجهه. وقال محمد بن عبد الحكم: يمهل على قدر ما يرى من ذلك.
الركن الخامس: البينة.
وقد ذكرت شروطها وصفاتها في الشهادات. والمقصود ههنا النظر في تعارض الينتين، ومهما أمكن الجمع بينهما جمع، وإن تناقضتا وأمكن الترجيح رجعنا إليه، وإن استوتا تساقطتا وبقي المدعي في يد من هو في يده مع يمينه إن كان من المتداعيين. واختلف إذا كان من غيرهما، فقيل: يبقى في يده، وقيل: يقسم بين مقيمي البينتين لأنههما قد (اتفقا) على إسقاط ملك الحائز. وروى مطرف وابن الماجشون أنه يقضي بأكثرهما عددًا عند التكافؤ في العدالة، إلا أن يكون هؤلاء كثيرًا يكتفي بهم فيما يلتمس من الاستظهار، والآخرون أكثر جدًا، فههنا لا تراعى الكثرة.
ولو أقر من هو في يده لأحدهما لتنزل إقراره منزلة اليد للمقر له حتى ترجح البينة. ولو كان في أيديهما جميعًا لقسم بينهما بعد أيمانهما.
فرع: حيث قلنا: يقسم بينهما، فإن لم يكن في أيديهما قسم على قدر الدعاوي، وإن كان في أيديهما، فاختلف أصحابنا على وجهين.
أحدهما: أنه يقسم بينهما على قدر الدعاوي أيضًا، كما لو كان خارجًا عن أيديهما.
والآخر: أنهما لا يتفاضلان بمجرد تفاضل الدعاوي، إذ سبب الاستحقاق بعد تساقط البينتين الحيازة وهما فيها سيان، بل يقسم بينهما نصفين لتساويهما فيها، إلا أن يسلم أحدهما للآخر بعد حيازته. وكذلك لو كانوا جماعة لقسم بينهم على عدد رؤوسهم، إلا أن يسلم أحدهم بعض ما تخص حيازته.