المسألة الأولى: إذا جرى لفظ الحوالة وتنازعا، فقال (أحدهما): أردنا به الحوالة، وقال الآخر: بل الوكالة. فقيل: القول قول مدعي الحوالة، نظراً إلى مقتضى اللفظ.
(وقيل): قول مدعي الوكالة، نظراً إلى تصديق من يدعي إرادة نفسه ونيته، إذ هو أعلم بذلك.
وقال ابن الماجشون في المبسوط فيمن تحول بدين له على رجل آخر، (فقال المحيل): ادفعه إلي، لأني إنما وكلتك في قبضه وتسليمه إلي، وقال المحال: بل كنت استحققته عليك ديناً قبل الحوالة، إن المدعي لكونه حوالة إذا ادعى من ذلك ما يشبه صدق، وإلا كان القول قول المحيل.
وقال ابن القاسم في العتبية فيمن أحال رجلاً بدين له على رجل آخر فقال المحيل: إنما أحلتك على دين لي ليكون ذلك سلفاً عندم ترده إلي وقال القابض: أخذته (عوضاً) عن دين كان لي عليك: إن القول قول المحيل مع أنه ادعى أن هذه الحوالة كانت على غير دين يستحقه المحال).
قال الإمام أبو عبد الله:((إذا تقرر هذا فإن قضى القاضي بأن القول قول المحال: إنني قبضت ما استحق، فلا تفريع على هذا المذهب.
وإن حكم بأن القول قول المحيل فهل للمحال أن يرجع عليه؟ (هذا مما) اختلف فيه العلماء.
ثم حكى قولين في نفي الرجوع وإثباته، وعلل النفي بأنه معترف ببراءة ذمة المحيل بالحوالة وانتقال الاستحقاق إلى ذمة المحال عليه، وعلل إثبات الرجوع بأن غاية قول المحيل إقرار للمحال وهو يكذبه).
ثم قال الإمام: ((وعندي أن وجه هذا القول يلتفت إلى النظر فيمن كان له حق على رجل فجحده إياه، ثم عثر المجحود له الحق على مال للجاحد وصار في يده، هل له أن يأخذه قضاء عن حقه المجحود أم لا؟ فإن المحال يقول: إني، وإن اعترفت ببراءة ذمة المحيل من ديني فقد