فاستقرأ بعض المتأخرين من اعتباره الخمسين أنها كالجمعة، فلا يؤمر بها إلا من يؤمر بالجمعة خاصة. قال الإمام أبو عبد الله:" والذي حكاه ابن شعبان من صلاة المرأة في بيتها، واشتراط عجلة المسافر في سقوط صلاة الكسوف، قد يشير إلى خلاف هذا التأويل.
[الباب الرابع عشر: في صلاة الاستسقاء]
وهي سنة عند المحل والجدب لحياة الزرع وغيره، وعند الحاجة لشرب الحيوان: الإنسان والبهائم، كما يحتاج إلى ذلك من كان في صحراء، أو سفينة، أو أهل بلد. وكذلك إذا جاء من الماء ما هو دون الكفاية، وتفعل لتأخير مدد النهر، كما تفعل لتأخير نزول الغيث. ولو تأخر عن طائفة من المسلمين، قال بعض المتأخرين: تستحب لغيرهم أيضا هذه الصلاة، فيستسقي المخصبون للمجدبين. وقال الإمام أبو عبد الله في ذلك: " عندي نظر "، قال: " ولا شك أن دعاء المخصبين للمجذبين مندوب إليه، وأما إقامة سنة صلاة الاستسقاء في مثل هذا، فلم يقم عليه دليل ".
(ولا بأس بتكريرها إذا تأخرت الإجابة، قال ابن حبيب: ولا بأس أن يستسقى أياما متوالية.
ولا بأس أن يستقى في إبطاء النيل، قال أصبغ: قد فعل ذلك عندنا بمصر خمسة وعشرين يوما متوالية يستقون على سنة الاستسقاء، وحضر ذلك ابن القاسم وابن وهب ورجال صالحون فلم ينكروه).
ويستحب أن يأمر الإمام قبله بالتوبة والإقلاع عن الذنوب والآثام والمظالم، وأن يتحالل الناس بعضهم من بعض مخافة أن تكون معاصيهم سبب منع الغيث، قال الله تعالى:{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم}. أيضا فقد تمنع المظالم من إجابة الدعاء، كما جاء في الحديث الصحيح ويأمرهم بالتقرب الصدقات لعلهم إذا أطعموا فقراءهم أطعمهم [الله]، فإن الجمع فقراء إليه. وليس من سنته الأمر بصيام قبله، واستحبه ابن حبيب.