يجوز اتخاذهم أئمة راتبين إذا كانوا صالحي الأحوال في أنفسهم، سالمين من النقائض التي تقدم ذكرها.
هذا حكم الإجزاء والكمال، فإما الأولوية، فمن انفراد بالعلم والورع فهو أولى؛ إذ بهما يحسن الأداء وتحصل الشفاعة، فإن تعدد من جمعهما، رجح بغيرهما من الفضائل الشرعية والخلقية والمكانية، كالشرف في النسب، والسن، وكمال الصورة، ويلحق به حسن اللباس وذكر الشيخ أبو إسحاق الترجيح بصباحة الوجه، وحسن الخلق.
وكملك رقبة المكان أو منفعته، وقد قال مالك رضي الله عنه:" صاحب الدار أولى بالإمامة وإن كان عبدا، ولو كانت الدار لامرأة لم يبطل حقها، بل لها تستخلف من يؤمن، ويستحب لها أن تستخلف أحق القوم الإمامة ".
ويرجح بالإمارة، فيتقدم الأمير على الرعية، إذا كان صالحا للإمامة، سليما من النقائص القادحة، فمن اجتمع فيه هذه الوجوه فلا خفاء بأنه أولى، فإن نقص بعضها وكان أكمل من غيره قدم.
ويقدم الفقيه على الصلاح وعلى القارئ، ويقدم الأفقه على الأقرإ، لأن ما تحتاج إليه الصلاة من القرآن محصور، وما يحتاج إليه من الفقه غير محصور، فما كان لا ينحصر المقدار المحتاج إليه منه كان أولى بالمراعاة، فالمكثر منه أولى من المقل بالإمامة، فإن اجتمع من تساوت أحوالهم في جميع ما ذكر أو بعضه وتشاحوا، أقرع بينهم إذا كان مقصدهم حيازة فضل الإمامة لا طلب الرئاسة (الدنيوية).
[الفصل الثالث: في شروط القدوة]
ويرجع ذلك إلى شروط أربعة:
الأول: نية الاقتداء، فإن تابع من غير نية بطلت صلاته، ولا يلزم الإمام أن ينوي الإمامة إلا في ثلاثة مواضع: الجمعة، وصلاة الخوف، وانتقال حالته إلى الاستخلاف بعد أن كان مأموما.
الثاني: ألا ينزل جنس صلاة الإمام عن جنس صلاة المأموم، كمنتفل يؤم مفترضا.
الثالث: اتحاد الفرض المؤتم فيه، فلا يصلي الظهر من يصلي الصبح أو غيره.