[الباب الثاني: في اختلاف المتبايعين]
وما يترتب عليه من التحالف وغيره
وللأصحاب في الحكاية عن المذهب طريقان:
أحدهما: التفصيل، وهو طريق المتأخرين، ويحصره النظر في كيفية الاختلاف وأحواله ثم في تنزيل الأحكام على الأحوال.
النظر الأول: في كيفية الاختلاف. وينحصر في الثمن، وصفة العقد.
أما الثمن، فالاختلاف فيه في خمسة أحوال: جنسه ونوعه ومقداره وتعجيله وتأجيله وقبضه.
وأما صفة العقد فالاختلاف فيها في حالين: الخيار والبت، والصحة والفساد.
النظر الثاني: في تنزيل الأحكام على الأحوال.
أما الحال الأول من القسم الأول، وهو الاختلاف في جنس الثمن، مثل أن يقول أحدهما مثلاً: دنانير، ويقول الآخر: ثوب، فإنهما يتحالفان ويتفاسخان على الإطلاق، إذ ليس أحدهما بتصديق قوله بأولى من الآخر، ولم يقر البائع بإخراج سلعته بما قاله المشتري جملة ولا تفصيلاً.
وأما الحال الثاني منه، وهو الاختلاف في نوع الثمن، مثل أن يقول أحدهما مثلاً: قمح، ويقول الآخر: شعير، فقيل: ذلك يجري مجرى الحال الأول، وهو شهادة بتباعد الأغراض، وقيل: يجري مجرى الحال الثالث، وهو شهادة بتقارب الأغراض.
وأما الحال الثالث منه، وهو الاختلاف في مقدار الثمن ففي المذهب فيه أربع روايات:
إحداها: أنهما يتحالفان ويتفاسخان، وما لم يقبض المشتري السلعة، فإن قبضها صدق في الثمن.
الثانية: أنهما يتحالفان ويتفاسخان وإن قبضها، ما لم يبن بها فيصدق حينئذ. والروايتان لابن وهب.
والرواية الثالثة: أنهما يتحالفان ويتفاسخان وإن قبضها وبان بها، ما لم تفت بتغير سوق