وحكى الشيخ أبو الطاهر أن المذهب لم يختلف في أن جميع الأيمان تلزمه، إن لم تكن له نية في القصر على أحدها، وكان ممن ينوي لأن (النية) لم تحضره، قال:((لكن اختلف الأشياخ: هل يلزمه الطلاق ثلاثاً بهذا اللفظ أو إنما تلزمه واحدة؟)). ثم حكي عنهم في ذلك ثلاثة أقوال: يفرق في الثالث بين أن يكون له مقصد في التعميم، (فتلزمه) الثلاث، وبين أن لا يكون له مقصد في ذلك، فلا يلزمه إلا واحدة، قال:((ولا فرق بين أن يقول: كل الأيمان أو جميع الأيمان أو لا يقول ذلك)).
هذا حكم الطلاق، فأما غير ذلك فيلزمه عتق من يملك قبل حنثه والمشي إلى بيت الله تعالى، والصدقة بثلث المال، وكفارة اليمين بالله، وصوم شهرين متتابعين.
ومن اعتاد اليمين بصوم سنة، فإنه يلزمه ذلك. وهكذا يجري في حكم أيمان البيعة.
واختلف فيمن حلف بأشد ما أخذ أحد على أحد، فقال ابن وهب فيما روى عبد الملك بن الحسن عنه في العتبية:((تكون عليه كفارة اليمين بالله))، وروي عن ابن القاسم أنه إن لم تكن له نية، فإنه تتعلق به جميع الأيمان، كما تتعلق بيمين البيعة.
الباب الثاني: في الاستثناء والكفارة، وفيه فصلان
[[الفصل] الأول: في الاستثناء]
وقد اختلف الأصحاب: هل هو حل اليمن، أو بدل عن الكفارة؟ وهذا قول ابن القاسم، والأول قول ابن الماجشون: قال القاضي أبو بكر: ((وهو مذهب فقهاء الأمصار))، قال:((وهو صحيح، لأنه تبين أنه غير عازم على الفعل)).
وشرطه: أن يكون متصلاً، ولا يشترط أن يكون قصده مقارناً لبعض حروف اللفظ.