واشترط ابن المواز أن يكون قصد الاستثناء مقارناً ولو لآخر حرف، قال: فلو انقضى آخر يمينه وهو غير قاصد للاستثناء ثم أتبعها الاستصناء من غير صمات ولا نفس، لم ينفه، حتى يبدو له في الاستثناء قبل آخر حرف من يمينه، فيكون له ذلك، إذا لم يكن بين ذلك صمات إلا النفس.
وقال القاضي أبو إسحاق: لا يكون الاستثناء أبداً سبقاً باليمين، إلا وقد أراده صاحبه قبل أن يتم اليمين. فأما إن لم يعزم عليه إلا بعد فراغه، فإنه لابد لذلك العزم من وقت يتخلل بين اليمين والاستثناء، فلا يصح معه [حكم] النسق، ويبرد حكم اليمين في ذلك الوقت.
وإذا عزم على الاستثناء قبل آخر جزء من أجزاء يمينه، وإن قل، صح، لأنه لو قطع يمينه في هذا الموضع، وسكت عن تمامها، لم تلزمه.
ثم الاستثناء قسمان:
أحدهما: إخراج بعض ما تناوله اللفظ بصيغة إلا، ولا يجزئ فيه القصد عن غير نطق إن قيدت الحالف البينة، وكانت اليمين مما يقضي به، فإن كانت اليمين مما لا يقضي به، أو لم تقيده بينة، ففي الإجراء من غير نطق خلاف منشؤه النظر إلى أنه من باب تخصيص العموم فيجزي بالنية، أو النظر إلى أن له حقيق الاستثناء، فلا يجزي إلا نطقاً. وهذا كما إذا حلف على أشياء: لأفعلها، مثلا واستثنى بعضها، أو حلف بالأيمان تلزمه وحاشى الزوجة، وما أشبه ذلك.
القسم الثاني: بمعنى حل اليمين، مثل الاستثناء بصيغة إن أو بصيغة إلا، أن كما إذا استثنى رأي نفسه أو غيره، واستثنى صفة من صفات الفعل، ولا يجزي ذلك إلا نطقاً؛ كقوله: إلا أن أرى غير ذلك، أو يبدو لي، فيكون الاستثناء في هذا القسم رافعاً لحكم اليمين عن كل ما تناولته وموقفاً لجملتها. وفي القسم الأول إنما رفع الحكم عن بعض ما تناولته اليمين دون سائره.
وقال أبو القاسم بن محرز؛ لا فرق بين الصيغ، وإنما فرق الفقهاء بين الاستثناء والمحاشاة، لاختلاف معانيهما، ثم اختار إن ما كان بابه إيقاف حكم اليمين (كلها) ورفع حكمها، فلا يصح فيه الاستثناء إلا بالنطق، وما كان بابه رفع الحكم ن بعض ما تتناول اليمين، نظر فإن كان من أصل ما حلف عزله في نفسه، وعلق اليمين بما سواه، فذلك له، وهذا الذي يسميه الفقهاء: محاشاة.
وإن كان لم [يعزله] في أصل عقد يمين، بل علقه يمينه بجميع الأشياء المحلوف عليها، ثم استدرك باستثناء بعضها، فلا ينعقد الاستثناء ها هنا حتى يحرك به لسانه، لأنه إنما