وشبه ذلك فله عليها نصف ما قبضت منه، لا نصف المشتري، إلا أن يكون الشراء من الزوج.
قال القاضي أبو الحسن:((هذا إذا كان على وجه التخفيف عنه، وإلا فهو كالأجنبي)).
[الفصل الرابع: في هبة الصداق]
وإذا وهبت له جميع صداقها، ثم طلقها قبل البناء، لم يرجع عليها بشيء، وكأنها عجلت إليه بالصداق. ولأنها لما لم يستقر ملكها عليه العقد على المشهور، وانكشف الآن أنها إنما تملك منه النصف، وافقت هبتها ملكها وملكه، فنفذت في ملكها دون ملكه.
ولو وهبت منه نصف الصداق، ثم طلقها، فله الربع. وكذلك إن وهبته أكثر من النصف أو أقل، فله نصف ما بقي لها بعد الهبة.
ولو وهبته لأجنبي فقبضه، مضى له، ويرجع الزوج على الزوجة بالنصف، وهل ترجع به الزوجة على الموهوب له؟ كواهب السلعة تستحق من يد الموهوب، فإنها تؤخذ من يده، ولا يرجع على الواهب بشيء، لأن الغيب كشف له أنه وهب ما لم يملكه، أو لا ترجع بشيء لأنها وهبت ما عملت أنه معرض للارتجاع منها بوقوع الطلاق عليها قبل البناء، وأن الزوج يطلبها بما أفاتت وأتلفت، عليه نصفه، وقد كان حال تصرفها فيه ملكاً لها، فلا يكون لها عليه رجوع فيه، كما ليس لها نقص البيع لو باعته، ثم طلبها به الزوج. وإن لم يقبضه الموهوب له حتى وقع الطلاق، أجبرت على الإقباض إن كانت موسرة يوم الطلاق، ولم تجبر إن كانت معسرة يوم الهبة ويوم الطلاق. فإن كانت موسرة يوم الهبة، ومعسرة يوم الطلاق، فقال ابن القاسم: أنها لا تجبر. وقال غيره في الكتاب:((تجبر)). وهو على الخلاف في ملك الصداق، هل هو غير مستقر؟ فينظر إلى حالها يوم وجب الرجوع، أعني يوم الطلاق. أو هو مستقر فينظر إلى حالها يوم الهبة. وعلى ذلك الخلاف فيما أحدثته في الصداق من عتق أو بيع أو نحو ذلك من وجوه إفاتته، هل تضمن قيمته يوم قبضه أو يوم إفاتته؟ وهو المشهور، فمن رأى (ملكها) غير مستقر جعل القيمة يوم الإفاتة، ومن رآه مستقراً جعلها يوم القبض.
ولو اختلعت قبل المسيس بعشرة من صداقها، كان لها نصف ما بقي منه.
ولو خالعته على عشرة مطلقاً، لزمتها، وبقي نصف الصداق. ولو بارأته على المتاركة، أو خالعته على أن أعطته عبداً أو مالاً، لم يبق لها طلبة بنصف الصداق، وترده إن كانت قبضته. وقال أصبغ: إن قبضته فلا ترده، إلا أن يشترط عليها رده.