قال بعض المتأخرين:((ولعل هذا خلاف في حال، هل في ذلك معرة عليها أو لا؟ ولعله نظر إلى المحال أو المال)).
ولنختم الفصل بما روي عن ابن القاسم مما يشير إلى اعتبار الكفاءة في القدر والحال والمال.
فروى عنه أصبغ: أن من دعت إلى زوج وأبى عليها وليها، فنظر السلطان فلم ير منعه صواباً، ورأى منه عضلاً لها وإضراراً بها في ذلك، أمره بتزويجها ممن رضيته إذا كان كفؤاً لها في القدر والحال والمال، فإن أبى زوجها السلطان منه على ما أحب أو كره.
قال عبد الملك: وعلى هذا القول اجتمع أصحاب مالك، لا أعلمهم اختلفوا فيه، ثم الكفاءة حقها وحق الأولياء، فإن رضيت هي وهم بتركها جاز.
[الفصل الثامن: في تزاحم الأولياء]
وإذا اجتمع أهل زوجة عقد أفضلهم، فإن تساووا في الفضل عقد أسنهم، فإن تساووا في السن اجتمعوا فعقدوا عليها، فإن اختلفوا فروى ابن القاسم أنهم إذا اختلفوا مع استوائهم في العقد رفع ذلك إلى السلطان فينظر فيه، فإن بادر أحدهم وعقد برضاها صح العقد ونفذ، ساواهم في الفصل أو نقص عنهم فيه.
فرع: إذا أذنت لوليين ولم تعين الزوج، فعقد كل واحد منهما مع شخص، ولم يعلم أحد الزوجين بصاحبه حتى دخل بها أحدهما، فهي للذي دخل بها منهما، ويفسخ نكاح الآخر.
قال المتأخرون:((وهكذا قال في الكتاب))، إذا لم يعلم بعقد الأول حتى دخل، فلو دخل بعد علمه بذلك لم ينفعه الدخول، وكانت للأول)).
فإن لم يدخل بها أحدهما فهي لمن سبق عقده عليها منهما، فإن اتحد زمن العقد تدافعاً، وكذلك إن جهل السبق وأمكن التوافق، أو علم السبق وجهل السابق. وقال ابن عبد الحكم: السابق بالعقد أولى، وإن دخل الثاني.
ومعتمد المذهب في ذلك ما روي عمر والحسن ومعاوية ومن وافقهم على ذلك رضي الله عنهم أجمعين، فقضى عمر في الوليين ينكحان المرأة، ولا يعلم أحدهما بصاحبه أنها للذي