ومنشأ الخلاف أن البتة تفيد العدد مع البينونة، أو البينونة فقط؟ وأن أبغاض الجمل كنوع آخر أم لا؟ كما تقدم.
ولو قال: أنت طالق الطلاق كله إلا نصفه، لزمه طلقتان. ولو قال: إلا نصف الطلاق، طلقت ثلاثاً من جهة أن هذا الطلاق يصح أن يكون واحدة، فيصير كأنه استثنى نصف طلقة، فتجبر فتصير ثلاثاً.
وقيل: يصح أن تكون هذه المسألة كالتي قبلها، يكون الألف واللام في الطلاق للجنس.
[الفصل الثاني: في التعليق بالمشيئة]
فإن علق بمشيئة الله سبحانه، فقال: أنت طالق إن شاء الله، وقع الطلاق ولم تنفعه المشيئة.
وللأصحاب في الفرق بين الطلاق واليمين بالله سبحانه طريقتان:
الأولى: أنه (تعلق) بلفظه حكم الطلاق، فلا يرفع بالاستثناء، بخلاف اليمين بالله سبحانه، فإنه لا يتعلق بلفظها حكم.
الثانية: قال البغداديون: المستثنى في الطلاق، إن أراد بذلك التأكيد، لم تنحل اليمين. وإن أراد حل اليمين، فلا يصح، لأنه بمنزلة أن يحلف بالله على ما مضى، فلا يصح الاستثناء فيه.
وقال الإمام أبو عبد الله: تحقيق قوله: إن شاء الله، أنه [إن] أراد بذلك: إن شاء الله إيقاع هذا اللفظ مني، لزمه الطلاق عند أهل السنة، وإن أراد: إن شاء الله لزوم الطلاق للحالف به، فيلزمه قولاً واحداً. وإن أراد: إن شاء الله طلاقك في المستقبل، فأنت طالق الآن، فيجري على الخلاف في تعليق الطلاق (بالمشكوك) في وقوعه.
وإليه أشار مالك رضي الله عنه بقوله:((علق الطلاق بمشيئة من لا تعلم مشيئته)).
وإن قصد بقوله: إن شاء الله، إلزام الطلاق مع الاستثناء، فهذا هو أشكل الوجوه. قال: والحق فيه أن يرجع إلى خلاف الأصوليين: هل لله تعالى في الفروع حكم مطلوب، ونحن غير عالمين به؟ فيرجع إلى القسم الثالث، وهو تعليق اليمين بالمغيبات، أو ليس له حكم، بل كل