وبالجملة فلا قصاص في شيئ مما يعظم الخطر فيه كائنًا ما كان. ولو قطع اليد من المرفق لم يجز القطع من الكوع وأن رضي المقتص. وإن كسر عظم العضد ففيه القصاص. ولو قطع من المرفق وكانت يده مقطوعة من الكوع فطلب المجني عليه القطع من المرفق ففي وجوب إسعافه بذلك خلاف، أثبته ابن القاسم ونفاه أشهب.
وأما المعاني: فالسمع والبصر يجب القصاص فيهما بالسراية عند إضياح الرأس بأن يقتص منه في الموضحة، فإن ذهب سمعه وبصره فقد استوفى منه، إلا فعليه دية ما لم يذهب من ذلك في ماله عند ابن القاسم وأشهب. وقال أشهب أيضًا: على عاقلته.
وكذلك لو سرت إلى ذهاب يد أو رجل، ولو كان ذهاب عينه مثلاً من لطمة أو غيرها مما لا قصاص فيه كالضربة بعصا من غير أن تدمي، فإن انخسفت عينه أقيد له من عينه فقط، وإن لم تنخسف فليس فيها إلا عقلها.
[الفصل الثاني: في المماثلة]
والتفاوت في ثلاثة:
الأول: تفاوت المحل والقدر. فلا تقطع اليمنى باليسرى، ولا السبابة بالوسطى، ولا إصبع زائدة بمثلها عند اختلاف المنبت.
والتفاوت فيالموضحة يؤثر، أعني في سعتها لا في غوصها، فلو كان رأس الشاج أكبر لأخذ من رأسه مقدار طولها عند ابن القاسم. وقال أشهب: يؤخذ من رأس الجاني ما نسبته إليها نسبته موضحة الجناية من رأس المجني [عليه]، واختاره محمد.
وإذا فرعنا على قول ابن القاسم، فكان رأس الشاج أصغر؛ استوعب رأسه، ولم يكمل بالقفا ولا بغيره ولو زاد الطبيب المقتص على ما استحق قصاصًا فذلك على عاقلته إن بلغ ثلث الدية، وعليه إن قصر عن ذلك.
التفاوت الثاني: في الصفات. ولا تقطع اليد الصحيحة بالشلاء، ولا تقطع الشلاء بالصحيحة وإن قنع بها، إلا أن يكون لها بها انتفاع ولا يضم إليها أرش، فأما عديمة الانتفاع بالكلية فلا.
وروى يحيي بن يحيي عن ابن القاسم:"أن المجني عليه يتخير في قطع اشلاء أو تركها وأخذ عقل يده".