فإن بقي في دار الحرب، ثم دخل المسلمون، فغنموا ما فيها، فللمتأخرين قولان: أحدهما: أنه بمنزلة الأول، وهو على تغليب حكم الدار، والثاني: أنه لا ينقطع ملكه على ماله، ويتبعه ولده الصغار، وهو نظر إلى بقاء يده على ماله، وعدم انفصال ولده عنه.
[الباب الثالث: في ترك القتل والقتال بالأمان]
والأمان مصلحة في بعض الأحوال ومكيدة من مكائد القتال في المبارزة.
وينقسم إلى: عام لا يتولاه إلا السلطان: وإلى خاص يستقل به الآحاد، وهو المقصود بيانه الآن.
والنظر في أركانه وشروطه وحكمه.
أما أركانه فثلاثة:
الأول: العاقد.
وهو كل مؤمن مميز، حتى العبد والمرأة والشيخ الهرم والصبي إن عقل الأمان.
وروى معن بن عيسى: أنه لا يصبح أمان العبد. وقال سحنون: إن أذن له سيده في القتال جاز أمانه، وإلا لم يجز. وقيل: إن قالت صح أمانه، وإلا فلا. وقيل أيضا بعدم صحة أمان المرأة. وقال سحنون: في الصبي إن أجازه الإمام في المقاتلة صح أمانه، وإن لم يجزه لم ي صح. [وقيل] في الكافر أيضا: يصح أمانه؛ لأن له ذمة، فكان تابعا للمسلمين.
وكل من أجزنا أمانه غير أمير الجيش، فلا يتوقف أمانه على تنفيذ الأمير له. وقال ابن الماجشون: لا يلزم تأمين غير الإمام، فإن أمن غيره، نظر فيه الإمام، فإن رأى إمضاءه وإلا رده.
ولا يصح الأمان من غير المميز لصغر أو جنون، ويشترط في المؤمن أن يكون آمنا، فلا يصح أمان الخائف.
الركن الثاني: المعقود له، وهو الواحد أو العدد المحصور، أما العدد الذي لا ينحر كأهل ناحية، فلا يصح أمان الآحاد فيه، بل ذلك إلى السلطان.