وينعقد الأمان بصريح اللفظ، وبالكنانة، والإشارة المفهمة، فإن رد الكافر ارتد، وإن قبل صح، ولا بد من قبول ولو بالفعل، ولو أشار عليه مسلم في صف الكفار فانحاز إلى صف المسلمين، وتفاهم الأمان فهو أمان، ولو ظل الكافر أن المسلم أراد الأمان، والمسلم لم يرده، فلا يغتال، ومن دخل لسفارة لم يفتقر إلى عقد أمان، بل ذلك القصد يؤمنه.
ولو قال الوالي: أمنت من قصد التجارة، صح. ولا يصح من الآحاد. فإن ظن الكافر صحته فلا يغتال، وليوف له بالأمان، بل لو ظن ما أوهم به مما ليس بتأمين تأمينا، كان تأمينا له.
وقال مالك في العلج يلقاه الرجل ببلد العدو مقبلا فيأخذه، فيقول: جئت للأمان، إنه أمر مشكل، فليرد إلى مأمنه.
قال ابن القاسم:" وكذلك الذي يوجد، وقد نزل تاجرا بساحلنا فأخذ، فقال: ظننت أنكم لا تعرضون لمن جاء تاجرا حتى يبيع ".
وروى ابن وهب في قوم من العدو نزلوا بساحلنا بغير إذن، فأخذوا، فزعموا أنهم تجار لفظهم البحر، ولا يعلم صدقهم، وقد تكسرت مراكبهم ومعهم السلام أو ينزلون للماء بغير إذن، فهم فيء لا يخمسون والإمام يرى فيهم رأيه. وشرط اومان ألا يكون على المسلمين ضررا، فلو أمن جاسوسا أو طليعة، أو من فيه مضرة، لم ينعقد. ولا تشترط المصلحة، بل يكفي عدم المضرة للصحة.
وحكمه: أنه إذا انعقد كففنا عنه، وعن ما يتبعه من أهل ومال إن شرط ذلك في الأمان، فإن اقتصر على قوله: أمنتك، فلا يسري اومان إلى ماله من أهل ومال في الحصن الذي نزل منه. ويصح عقد الأمان للمرأة مقصودا للعصمة عن الاسترقاق، وإذا أمن الأسير آسره، صح ولزمه ذلك، إلا أن يكون مكرها له عليه.