الركن الرابع: ما به تكون الإعارة من قول أو فعل. وهو كل ما كان من ذلك يدل على تمليك المنفعة بغير عوض. فأما لو قال: أعني بغلامك أو ثورك في حرثي يومًا أو يومين، وأعينك بغلامي أو ثوري يومًا أو يوماً أو يومين؛ فليس بعارية بل ترجع إلى حكم الإجارة، لكن أجازه ابن القاسم ورآه من الرفق.
ولو قال: اغسل هذا الثوب، فهو استعارة لبدنه لأجل العمل، فإن كان الغاسل ممن يعمل بالأجرة اعتيادًا استحقها.
وكل ما كان من هذا القبيل فحكمه حكم الإجارة في الصحة والفساد.
وأما أحكامها فأربعة:
الأول: الضمان.
والعارية في ضمان صاحبها إن تحقق هلاكها من غير تعد ولا تفريط من جانب المستعير إلا أنها نوعان:
نوع يظهر هلاكه ولا يكاد يخفى، كالرباع والحيوان، فهذا النوع يقبل قول المستعير في هلاكه، ما لم يظهر كذبه وإن لم يعلم ذلك إلا بقوله.
والنوع الثاني: يخفى هلاكه ويغاب عليه، وهذا النوع لا يقبل قول المستعير في هلاكه ما لم تقم بينة به، فإن قامت فلا ضمان عليه فيه. وكذلك ما علم أنه يغير سببه كالسوس في الثوب صدقة فيه في كتاب محمد مع يمينه: أنه ما أضاعه ولا أراد فسادًا. قال أبو إسحاق التونسي: وكذلك الفأر (على هذا) يقرض الثوب.
ووافق أشهب وابن عبد الحكم في النوع الأول، وخالفا في الثاني، فرأيا أنه مضمون على المستعير على كل تقدير، قامت بينة بهلاكه أم لا. وتمسكًا في ذلك بظاهر الحديث، وبأنه قبضها على الضمان فلا ينتقل حكمه.