[الباب الثالث: في الأعيان المستفادة من الأرض كالمعادن والمياه]
أما المعادن فقسمان: القسم الأول: ما فيه الزكاة، كمعادن الذهب والفضة. فما ظهر منها في ملك إنسن معين، فقال مالك: هو له. وقال ابن القاسم: الأمر فيه إلى الإمام، يقطعه لمن يراه. وما ظهر فيما هو لجماعة المسلمين، كالبراري والموات والفيافي من أرض العرب وأرض العنوة، فالإمام يقطعه لمن يشاء. ومعنى إقطاعه إياها أن يجعل لمن يقطعه إياها الانتفاع بها مدة محدودة أو غير محدودة لا يملكه رقبتها، كما لا يقطع أرض العنوة تمليكًا، لكن قطيعة إمتاع، والأصل للمسلمين. وأما ما ظهر منها في أرض الصلح فقال ابن حبيب: يقطعها الإمام لمن يرى، وذكر ذلك عمن لقي من أصحاب مالك. وقال ابن القاسم وابن نافع: لا حق للغمام فيها، وهي لأهل الصلح.
القسم الثاني: ما لا زكاة فيه، كمعادن النحاس والرصاص والقصدير والكحل والزرنيخ والجوهر، ونحو ذلك، فقال ابن القاسم: هي مثل معادن الذهب والفضة، والسلطان يقطعها لمن يعمل فيها.
وقال سحنون وابن نافع: إنما كان السلطان يلي معادن الذهب والفضة لينظر في زكاتها ويحوطها، فأما هذه فليس فيها زكاة، ولو كان يلي هذه لكان له أن ينظر فيما يخرج من البحر من العنبر واللؤلؤ.
وأما المياه فثلاثة أقسام:
القسم الأول: خاص، وهو ما كان محرزًا في الأواني، أو في بئره التي احتفرها في ملكه، فهو كسائر الأملاك، يصح بيعه ومنعه.
والقسم الثاني: عام منفك عن الاختصاص، لا يملك أصله، وهو ضربنان:
الأول: أن يكون طريقه في أرض مباحة، مثل ما يسيل من شعاب الجبال وبطون الأودية [ونحوهما]، فهذا حكمه أن يسقي به الأعلى فالأعلى.
(واختلف في كيفية ذلك، فروى ابن حبيب عن ابن وهب ومطرف وابن الماجشون: أن صاحب الحائط الأعلى يرسل جميع الماء في حائطه ويسقي به، حتى إذا بلغ الماء في الحائط