فرع: قد تقدم حكم من تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم، فأما من شتم أحدًا من أصحابه، فإن قال: إنهم كانوا على كفر وضلال؛ فقال عيسى بن دينار "يقتل".
وقال سحنون في كتاب ابنه: من كفر عليًا أو عثمان أو غيرهما من لأصحابه فأوجعه جلدًا.
قال الشيخ أبو محمد: ورأيت في مسائل رويت عن سحنون: إن قال في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي: إنهم كانوا على ضلالة وكفر، فإنه يقتل.
ومن شتم غير هؤلاء من الصحابة بمثل هذا فعليه النكال الشديد. فأما من شتم أحدًا من الصحابة بغير ذلك من مشاتم الناس فلا يقتل عند الجميع، لكن عليه النكال.
الجنس الثالث: ما يتعلق بالأفعال.
وفيه يتسع المجال، وهو نوعان:
النوع الأول: ما يخص المرء في نفسه، وهو ضربان:
الضرب الأول: ما يتعلق بأفعال القلب منها. وهي مأمورات ومنهيات: فمن المأمورات: الإخلاص واليقين والتقوى والصبر والرضى والقناعة والزهد والورع والتوكل والتفويض وسلامة الصدر، وحسن الظن، وسخاوة النفس، ورؤية المنة، وحسن الخلق، وما أشبه هذه من أعمال القلوب.
ومن المنهيات الغل والحقد والحسد والبغي والغضب لغير الله والغش والكبر والعجب والرياء والسمعة والبخل والإعراض عن الحق استكباراً، والخوض فيما لا يعني، ومثل الطمع، وخوف الفقر، وسخط المقدور، والبطر والتعظيم للأغنياء لغناهم، والاستهانة بالفقراء لفقرهم، والفخر والخيلاء، والتنافس في الدنيا والمباهاة والتزين للمخلوقين، والمداهنة، وحب المدح بما لم يفعل، والاشتغال بعيوب الخلق عن عيوب النفس، ونسيان النعمة، والحمية، والرغبة والرهبة لغير الله. ولنقتصر على هذا القدر فيه تنبيه على أمثاله من هذا الضرب.
الضرب الثاني: ما يتعلق بأفعال الجوارح وهو أقسام:
الأول: الطعام والشراب. وليسم الله تعالى الآكل والشارب عند الابتداء، وليحمداه عن الانتهاء. ولا يأكل متكئًا. وسئل مالك عن الرجل يأكل وهو واضع يده اليسرى على الأرض؟ فقال: إني لأتقيه وأكرهه، وما سمعت فيه شيئًا.