عرفه سأله عما يدعي، وأمر المدعي عليه ألا يتكلم حتى يفرغ المدعي من كلامه، ثم يسأله: أيقر أم ينكر، فإن أقر قال للطالب: أشهد على إقراره إن شئت لئلا يرجع عنه.
فإن تنازعا في تعيين المدعي، فإن ادعى كل واحد (منهما) أنه هو، نظر إلى الجانب منهما لصاحبه، فإن لم يعرف أمرًا بالانصراف، فمن أبى إلا المحاكمة فهو المدعي، فإن أبيا أقرع بينهما، وإن قال كل واحد منهما لصاحبه: أنت المدعي، أمرا بالانصراف، أيضًا، حتى يأتي أحدهما فيكون المدعي.
ثم حيث تعين المدعي وتمت حجته، وانتهت حجة المدعى عليه، فأراد الحكم عليه، فليقل له: أبقيت لك حجة؟ فإن قال: لا، حكم عليه.
قال محمد: وإن قال: نعم، وقد تبين للقاضي أن حجته نفذت وهو في طريق اللدد، فإنه يضرب له أجلاً غير بعيد، فإذا تبين لدده أنفذ الحكم [عليه] ولو ادعى بينة بعيدة مثل أن يقول: بالعراق أو مصر، فإنه يقضي عليه، متى (جاءت ببينة) فهو على حجته عند هذا القاضي وعند غيره، وينبغي له أن يذكر في القضية أنه زعم أن له بينة غائبة على بعد من البلاد. فمتى حضرت شهوده كان على حجته.
فرع: لو حكم عليه بعد قوله: إنه لا حجة له، ثم أتى بحجة، مثل أن يأتي بشاهد آخر عند من لم يحكم بشاهد ويمين، أو يأتي بينة لم يعلم بها، فجعل ذلك له في الكتاب.
وقال محمد: إنما ذلك إذا كان هو القاضي بنفسه، وأما غيره فلا. وقال سحنون: لا يقبل منه وإن كان لذلك وجه. قال أبو إسحاق التونسي: والأشبه ما في الكتاب، وإن غيره من القضاة ينظر في ذلك.
وإذا تزاحم المدعون قدم السابق، فغن تساووا أقرع بينهم. ولا يقدم الشرف ولا لغيره إلا المسافر المستوفز إن رأى في تقديمه مصلحة، وما يخشى فواته. وينبغي له أن يفرد للنساء يومًا، أو وقتًا من كل يوم. وكذلك يفعل المفتي والمدرس عند التزاحم.
[الفصل الرابع: في التزكية]
ومن كان مشهورًا بالعدالة والفضل لم يسأل عنه، وأجاز شهادته وكذلك من عرفَهُ بِجُرْحّةَ أو كان مشهورًا بذلك، فإنه يرد شهادته. وإنما يجب عليه الاستزكاء مهما شك وإن