أنها له. ويريد أن يقيم بذلك، فدعواه غير مسموعة أصلاً، فضلاً عن بينته، وتبقى الدار بيد حائزها، لأن كل دعوى ينفيها العرف وتكذبها العادة مرفوضة غير مسموعة، قال الله تعالى:(وأمر بالعرف) وأوجبت الشريعة الرجوع إليه عند الاختلاف في الدعاوي كالنقد والحمولة والسير، وفي الأبنية ومعاقد القمط ووضع الجذوع على الحائط وغير ذلك، فكذلك في هذا الموضع، ولان ذلك خلاف العادات، لأن الناس لا يسكنون على ما يجري هذا المجرى من غير عذر.
فرع: إذا اعتبرنا طول المدة، فقد اختلف في تحديدها، فحدها ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ بعشر سنين، واستدل لهم بما ذكره سعيد بن المسيب وزيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من حاز شيء اعشر سنين فهو له". وقال ابن القاسم أيضًا: إن التسع والثمان وما قارب العشر مثل العشر. ولم يؤقت مالك، ورأى أن ذلك على قدر ما ينزل ويجتهد فيه الإمام، فرب حائظ يغتل ويخدم ويبني ولا يدع المالك ملكه ويتجافى عن هذا. قال: وما اغتل من ذلك أقصر مدة في الحيازة مما يحاز بالسكنى والحرث. وقال مطرف بقول ابن القاسم.
وقال ابن الماجشون بقول مالك، وكان يرى من ورث عمن حاز أقوى من موروثه ي الحيازة، إلا أن يأتي الطالب ببينة على إسكان أو إعمار أو مساقاة ونحوه فيكون أولى.
فرع: كل دعوى لا يقبل في إثباتها إلا شاهدان فلا تجب فيها اليمين بمجرد الدعوى، ولا ترد على المدعى، ولا يجب فيها شيء، وذلك مثل القتل العمد والنكاح والطلاق والعتاق والنسب والولاء والرجعة وشبه ذلك.
وأما حكم اليمين، فهو انقطاع الخصومة في الحال لا براءة الذمة، بل لملدعي بعد ذلك أن يقيم البينة ويعتذر بأنه لم يعلم بأن له بينة، أو بأنها كانت غائبة. أما إذا كان علامً بها وهي حاضرة، ففي الحكم له بها روايتان، المشهورة منها: أنه ليس له أن يقيمها ولا تسمع بعد يمين المدعى عليه. قال القاضي أبو الحسن: "وقد قال به مالك. (قال). وهو (الأحود