قال الاستاذ أبو بكر: وأعلم أن الذي منه ألزم ابن سحنون لابن القاسم وجوب الدية في هذه الصورة أصل نذكره: وذلك أن ابن سحنون روى عن ابن القاسم في النصراني يسلم بعد أن جرح ثم يموت فيه دية حر مسلم في ماله حاله اعتباراً بما يؤول إليه أمره.
وقال أشهب إنما علهي دية نصراني (لأني) إنما انظر إلى الضربة في وقتها لا إلى الموت، ألا ترى لو أن مسلمًا قطع يد مسلم ثم ارتد المقطوع فمات مرتدًا أو قتل، أن القصاص قد ثبت على الجاني فتقطع يده بيده، وليس لورثته أن يقسموا على الجاني فيقتلوه، لأن الموت كان وهو مرتد.
قال الأستاذ: فيجئ من هذا إلزامنا لابن القاسم أن الاعتبار في مسائل الرمي بآخر الأمر، وهو الإصابة، فلو رمى مرتد، ثم أسلم، ثم أصاب سهمه رجلاً خطأ، فقال سحنون أنا وإن كنت أعتبر وقت الرمي فأقول في هذه: إن الدية على العاقلة وإن كان ليس من أهل العاقلة وقت الرمي إذ لا عاقلة للمرتد، فإنما أنظر إلى الدية يوم ترفض على العاقلة، وهنا لم يحكم فيها حتى أسلم، وله وقت الإسلام عاقلة، وذلك عليهم كالخطأ. قال: وقد قال أصحابنا: أجمع ابن القاسم وغيره إن جنى خطأ ثم أسلم أن عاقلته تحمل ذلك، فكذلك هذا عندهم.
قال ابن سحنون: وفي قوله الأول هي في ماله نظرًا إلى الجناية يوم وقعت لا يوم الحكم.
قال ابن سحنون: واختلف أصحابنا في دية هذا المرتد، أعني إذا جرح المرتد ثم نزا في جرحه فمات بعد أن أسلم، فمن أصحابنا من (يقول): ديته دية من على الدين الذي ارتد إليه. وقال ابن القاسم: ديته دية مسلم، وبه قال سحنون.
وكذلك لو كان المرمي إليه نصرانيًا فأسلم قبل وصول السهم إليه، أنه لا قصاص فيه، وفيه دية مسلم في قول ابن القاسم، وفي جرحه، إن لم يمت، دية جرح مسلم. وفي قول أشهب: دية نصراني. قال سحنون: وينبغي، على قوله، أن لو كانمرتدًا فأسلم قبل وقوع (السهم) ف يه، أنه لا قود على الرامي ولا دية، لأنه وقت الرمي مباح الدم. وقد قال سحنون في عبد رمى رجلاً ثم عتق قبل وصوله رميته: إن جنايته جناية عبد.
قال ابن سحنون: وقد قال أصحابنا أجمع في مسلم قطع يد نصراني ثم أسلم ثم مات: إنه لا قود على المسلم، فإن شاء أولياؤه أخذوا دية يده دية يد نصراني، وإن أحبوا أقسموا ولهم دية مسلم في مال الجاني حالة، في قول ابن القاسم وسحنون.
وقال أشهب: دية نصراني. لأني أنظر إلى وقت الضربة. وإن كانت الجناية خطأ ولم