يقسم ورثته فلهم دية يد نصراني على عاقلة الجاني. وإذا أقسموا دية نصراني على عاقلة الجاني مؤجلة. وفي قول ابن القاسم وسحنون: دية مسلم على عاقلته.
ومما أجري على هذا الأصل أن رجلاً لو قطع يد عبد، ثم أعتقه سيده، ثم ارتد فسرى إلى النفس، ففي قول سحنون الأول: عليه لسيده ما نقضته الجناية. وعلى قوله الثاني: لا شيئ على القاطع لأنه صار مباح الدم يوم مات.
وكذلك من رمى إلى قاتل أبيه ثم عفا عن القصاص قبل الإصابة، فعلى قول سحنون الأول، أيضًا، لا يجب عليه شيئ اعتبار بحال الرمي. وعلى القول الثاني: يجب اعتبارًا بحال الإصابة.
وكذلك لو جنى مسلم على نصراني، فتمجس النصراني ثم سرى إلى النفس، أو جنى المسلم على مجوسي ثم تهود المجوسي ثم سرى الجرح إلى النفس، فعلى قول أشهب [ديته]: دية أهل المذهب الأول في المسألتين. وعلى القول الثاني: دية المذهب الذي انتقل إليه.
فأما مسلم جرح مسلمًا فارتد المجروح ثم سرى الجرح إلى النفس فأجمع الناس على أنه لا يقاد منه لأن صار إلى ما حل دمه فيه، والذمي لم يصر إلى ما يبيح دمه، وفروع هذا الأصل كثيرة، فلنقتصر على ما ذكرناه، فهو منبه على ما سواه.
الفرع الثاني: القصاص في الطرف.
وهو في شرط القطع والقاطع والمقطوع كما ذكرنا في شروط القتل والقاتل والمقتول. قال الأستاذ: أبو بكر: وعقد الباب أن كل شخصين يجري بينهما القصاص في النفوس من الجانبين يجري في الأطراف. قال: فأما إذا كان أحدهما يقتص منه للآخر ولا يقتص للآخر منه في النفس، فقال مالك: لا يقتص في الأطراف، وإن كان يقتص منه في النفس، كالعبد يقتل الحر والكافر يقتل المسلم يقتلان. ولو قطع العبد أو الكافر الحر المسلم لم يكن له أن يقتص منهما في الأطراف في ظاهر المذهب.
قال محمد بن عبد الحكم: المسلم بالخيار، إن شاء أن يقتص أو يأخذ الدية. قال: وجعل أصحابنا هذه رواية مخرجة في العبد والكافر، فقالوا: للمسلم أن يقتص منهما، وخرجوا هذه الرواية من قول مالك في النصراني يفقأ عين المسلم. وروى ابن الحكم عن مالك قال:"يجتهد السلطان في ذلك أيضًا".
قال أصحابنا: تحتمل هذه الرواية وجوب القود، قالوا: وهذا هو الصحيح. قال الأستاذ أبو بكر: وهو كما قالوا.