«الأخ الثالث الحسن» كان كما تحدثنا المصادر العربية نابغة عصره في الهندسة كما كان عبقريًا وحيدًا اشتهر بالذاكرة القوية وسعة الخيال والتصور ولم يلقنه أحد ما بلغه من إعجاز في الهندسة، وما عرضت عليه مسألة من المسائل إلا وبادر إلى حلها، وكان هو أول من توصل إلى هذا، ويروى عنه أنه كان يجلس غارقًا في تفكيره وجلس مرة في مجلس من مجالس الخاصة فلم يسمع شيئًا مما دار من حديث في ذلك المجلس، ويروى عنه عن نفسه أنه إذا عرضت له مشكلة من المشاكل كان يرى العالم وكأنه جسم من الظلام ويشعر هو وكأنه قد خارت قواه أو في حالة حلم!
وحدث يومًا ما أن التقى في حضرة المأمون بفلكيه الخاص الموروزي الذي اشترك في مراقبة الشمس في دمشق، وكان الموروزي قد قرأ كتاب «أويقليد» كما درس الماجسطي دراسة دقيقة إلا أنه كثيرا ما عجز عن فهم كثير من المسائل الرياضية فتحداه الحسن أن يوجه إليه مسألة هندسية شريطة أن يعرض عليه الحسن سؤالا هندسيا فأحرج هذا الاقتراح الموروزي فشكاه إلى المأمون: «يا أمير المؤمنين لقد قرأ لأويقليد ستة كتب فقط».
والمأمون الذي يعتبر عالمًا في الهندسة فقط، وقد درس كتاب أويقليد لا يستطيع أن يتقبل مثل هذا الاتهام الموجه إلى حبيبه الحسن ولا يصدقه، فالتفت مسرورًا إلى المهم شاكًا في التهمة فأجابه الحسن:
«والله يا أمير المؤمنين لو أردت الكذب لأثبت كذب دعواه ولاستدعيته للاختبار فهو لم يسألني سؤالا خاصا بمحتويات هذه الكتب التي لم أطلع عليها ولو فعل هذا لأجبته على الفور وذكرت له حلها ولا ضير في ذلك عليّ إذا كنت لم أطلع على هذه الكتب»، والمؤلم أن دراسته لجميع هذه الكتب ومسائلها حتى ما صغر منها لم تفده كثيرًا أو قليلًا حتى يتمكن من حلها. وقد اقتنع المأمون بهذه العبارة إلا أنه لم يغفر للحسن تقصيره بعدم تنفيذ طلباته.
ومن بين أعماله التي قام بها مستقلًا عن أخويه كتابه الذي وضعه حول القطوع المخروطية، كما أنه هو مخترع ما يعرف باسم القطع الأهليلجي.