وريها وصنع حوضًا تشرب منه الحيوانات الصغيرة فقط ولم يهمل الأطفال والكبار في صنع أدوات اللعب والتسلية التي لو ظهرت اليوم لحرص الكل على اقتنائها.
وأحمد هذا هو صاحب غرافات الحمامات والخمور وتفنن في صنع الأخيرة حتى إن منها ما يصب من النبيذ بقدر ما يحتاج إليه الإنسان، وإذا ما حاول صب كمية أخرى عليه أن ينتظر فترة من الزمن، وإليه يرجع الفضل في اختراع الأجهزة التي تعين أثقال السوائل المختلفة وأخرى تمتلئ آليًا عندما تفرغ كما صنع قوارير يشرب منها الإنسان حسب رغبته إما نبيذًا صافيًا أو ممزوجًا أو ماء، وركب مصابيح يخرج فتيلها آليًا كما يتدفق فيها الزيت تلقائيًا ولا يستطيع الهواء أن يطفئها، وقد نجح في صنع جهاز لري الأرض وهو يصفر كما يصدر أصواتًا خاصة تشير إلى أن المياه قد بلغت الارتفاع المطلوب كما صنع مختلف أنواع النافورات وتفنن في الحيل المائية حيث يندفع الماء مكونًا مختلف الأشكال والشخوص، وقد بلغ أحمد من المهارة بحيث استطاع صنع جهاز فلكي يخطئ بواسطته الرأي اليوناني القائل:«إن كرة تاسعة تحيط بالفضاء».
وهل بمستغرب أن يضع ابن موسى بن شاكر خبرته وإمكانياته في خدمة العلم الذي كرس له والده حياته أعني الفلك؟ !
لقد اشترك أحمد مع محمد وركبا ساعة نحاسية ذات حجم كبير وقام محمد بعمل حساب شروق وغروب أهم الكواكب والنجوم حسب اليوم والسنة. أما أحمد فقد قام بتنفيذ العملية الحسابية المعقدة التي وضعها أخوه، وكانت هذه الساعة قطعة فنية عجيبة ووحيدة من نوعها من حيث صناعة الآلات وتركيبها، وقد أثارت إعجاب كل من شاهدها فقد رآها الطبيب ابن ربان الطبري في القصر الجديد للخليفة فقال: أما مرصد سامراء رأيت آلة ركبها الأخوان محمد وأحمد ابن موسى، والأخوان خبيران بعلم الفلك وتركيب الآلات. والآلة التي صنعاها عبارة عن كرة وعليها صور الأفلاك وأجرام السماء وتتحرك هذه الآلة بفعل الماء، فإذا اختفى نجم من نجوم السماء اختفى في نفس الوقت النجم الذي يقابله في الكرة عن طريق خط يمثل دوران الأفلاك وله نظيره في السماء، وعندما يعود النجم في السماء إلى الظهور مرة أخرى يظهر هذا النجم على الكرة فوق خط الأفق.