للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإرساء أساسها طلب «نوبخت» إلى الخليفة أن يحسب مركز الأفلاك ويختار ساعة سعيدة لبناء المدينة فكلف الخليفة الفارسي «نوبخت» واليهودي «ما شاء الله» رصد هذه الساعة التي يجب أن تولد فيها المدينة، كما طلب إليهما مراعاة مقاييس المدينة التي سميت «بغداد» أي مدينة السلام.

ومن ثم نجد «نوبخت» الفارسي يعين فلكي الخليفة ومستشاره الخاص ومستشار كثيرين ممن جاءوا بعده، ولا غرو في أن يصير أستاذًا لكثير من مفسري الطوالع.

وهكذا نجد الفرس يهتمون بجميع المصادر الفلكية القديمة، سواء كانت هندية أو غير هندية كالبابلية لتويكروس وبيتين، وقد ترجمت جميع هذه المصادر وحفظت في قصور الأمراء العرب، وكان كبير دعاة هذه الحركة والمشجعين لإحيائها العالم «ما شاء الله» الذي ذاع صيته فيما بعد في أوربا.

وقد بلغ علم التنجيم عند العرب شأوّا بعيدًا في الوقت الذي ازدهرت فيه الدراسات الفلكية، وقد تخرج عليهم كثيرون من اليهود والفرس فذاع صيتهم لا في الشرق فقط بل في أوربا أيضًا فنحن نجد من أبناء فارس أبا بكر بن الحاسب وعبد العزيز القبيصي، واشتهر الأول في أوربا تحت اسم «البوباثر» والثاني «الكابيتيوس»، كما نجد أيضًا اليهودي «سهل بن بشر» الذي عرف في أوربا باسم «سهل» وتلميذ ما شاء الله المسمى «البوهلي» واليهودي الفارسي المشهور «أبو معشر» المتوفى عام ٨٨٦ م واشتهر في أوربا باسم «البومسر» وكان يعد من بين أعظم منجمي العرب. ويمتاز بأن أحدًا لم يسبقه واهتم بمصدر ووسيلة تدريس هذه المادة اهتماما ملفتا، فقد جمع أبو معشر جميع ما في متناوله وجعل منه خليطًا عجيبًا، كما امتدت يده دون خجل إلى مؤلفات وأعمال الآخرين مثل «سند بن علي» ونسبه إلى نفسه، وبذلك (فقط) استطاع أن يضع كتابًا عظيمًا يتفق وعمره المديد الذي بلغ مائة عام. وكتابه هذا لا تكاد تخلو منه مكتبة أوربا فقد بلغ شهرة لم يبلغها كتاب آخر غيره في أوربا المسيحية، وإن اشتهر بالغموض. وفي حلبة السباق على علم التنجيم نجد عربيًا ممتازًا ألا وهو الفيلسوف الكندي الذي وضع كتابًا حول التنبؤ بالطقس، وهذا هو الموضوع الذي

<<  <   >  >>