طيلة الشهور الأربعة التالية وذلك لأن فيضان نهر دجلة وزيادة مائة يخفي هذا الخطأ. وهناك تقويم لبعض المنجمين يقرر أن أمير المؤمنين لن يعيش حتى ذلك الحين لذلك إنقاذَا لحياتكما سأخبره أن أحدًا منكما لم يرتكب خطأ، فإذا صدق المنجمون نجونا نحن الثلاثة وإذا كذبوا وعاش الخليفة وجاءت المدة التي يتناقص فيها الماء فسنموت نحن الثلاثة. وحدث أن قتل الخليفة بعد شهرين ونجا الثلاثة المتآمرين.
وكيف لا يثق «سند بن علي» وهو المنجم المشهور في أقوال المنجمين؟
وفي هذه الحالة صدق المنجمون إذ تنبأوا بالحظ والسعادة كما حقق القاتل نبوءتهم، لكن كثيرًا ما يكذبون ويستحقون سخرية العلماء، فقد حدث أن تنبأوا بالشقاء والبؤس الذي يشير إليه التقاء الكواكب في برج الميزان عام ١١٨٦ م، كما لم تقع الثورات التي قالوا بها، والتي ستنتج عنها الحروب والكوارث الجوية. أما وقوع الموت المفاجئ بسبب القتل فهذه مسألة أخرى. . .
وقد سبب سوء استعمال الجهلاء للعلوم كثيرًا من الأذى والامتهان والحط من قدرهم وقدر العلم، لذلك هاجم أمثال البيروني أولئك الأفاكين بألفاظ قاسية واتهمهم بأنهم الدخلاء على علوم الفلك والتنجيم، وبخاصة تصرفات أمثال أبي معشر الخاطئة، كما انتقد جرأة أولئك الجهلاء الذين لا يؤثرون إلا في أمثالهم.
وهاجم الزركلي المنجمين بحرارة وشاركه في ذلك الشاعر «السيمري»، فقد وضع كتابًا في نقض أقوال المنجمين، وكتب يوسف الهروي في «خدع التنجيم»، وابن سينا الذي هو صديق حميم للبيروني والفارسي الأصل والعالم الفيلسوف طالب بإلغاء ومنع وتفسير سير النجوم. وكان من نتيجة هذا الهجوم أن اختفى عدد كبير من زعماء المنجمين المشعوذين الأدعياء، وبخاصة عندما تشعبت علوم الفلك والتنجيم فذهب الزبد وبقي ما ينفع الناس، واستطاع المنجمون العرب الوقوف على أقدامهم ولم يمض زمن طويل حتى أخذ التنجيم يتنقل من التجار في الشوارع مقدمًا لهواة الحساب الفرصة الكاملة للاهتمام بالأعداد والقيام بعملية حساب الجداول الخالية من الحساب والتقاويم السنوية الضرورية لعملية التنبؤات، وعاون المنجمين على ذلك ارتفاع مستواهم في الرياضة والحساب وبخاصة في حساب