بها الله، وذلك لأن مرض الجسد يعوقه عن تأدية فروضه تحو الله، لكن أهم من العناية بالجسد إنقاذ الروح من الوقوع في الخطيئة، لذلك لا يجوز للمريض الذي يتلوى من الحمى أن يستعين بطبيب قبل إعلان التوبة إلى ربه، فقد تقرر عام ٨٩٥ م في المجمع الديني الذي عقد في «نانتيس»: «على القسيس عندما يبلغه أن أحد مسيحيي طائفته قد مرض أن يتوجه إلى المريض ويرشه بماء مقدس، ويصلي معه ثم يبعد سائر أعضاء الأسرة ويعترف المريض له ويرجوه أن يطهره دينيًا وأرضيًا من الخطايا، فبدون اعتراف لا علاج»، وهكذا أصبح هذه القرار ناموسًا يحترم وينفذ. وفي عام ١٢١٥ م نجد البابا «أينوسنس الثالث» في اجتماع عقد في قصر «لاتران» البابوي في روما يقرر وجوب احترام هذا الناموس والحرص على تنفيذ أوامره، كما يقرر منع علاج الشخص الذي يطرد من الكنيسة لأن مثل هذا المريض المطرود لم يعترف بعد، وسبب المرض خطيئة الروح، كما قال بذلك يسوع المسيح إذ ذكر مرة لمريض شفاه من المرض: انظر لقد شفيت فلا ترتكب خطيئة مرة أخرى حتى لا تصيبك مصيبة أخرى (إنجيل يوحنا الإصحاح ٥ آية ١٤). وقد فهم القديس «كريزوزتومس» من كلمات السيد المسيح أن مصدر المرض الخطيئة التي يرتكبها الإنسان فإذا اعترف المريض شفي من المرض، وذلك لأنه إذا ذهب السبب ضاع المسبب، وإذا رفض المريض الاعتراف، ورفض الطبيب المسيحي علاجه واضطر المريض إلى الالتجاء إلى طبيب آخر يهودي أو مسلم ليعالجه طرد المريض المسيحي من الكنيسة، وذلك لأنه بمسلكه هذا يهدد سلام روحه تهديدًا مباشرًا. ولكي نتبين مدى انزعاج الكنيسة عند وقوع مثل هذه الحالات يكفي أن نقرأ خطاب «برنارد فون كليرفو» حيث جاء فيه: «لقد جاء إليه راهب بعد أن ثار وترك الدير وشكا رئيسه بألفاظ قاسية، لأن هذا الرئيس تجرأ وقرر مساعدة طبية للمستبدين واللصوص والذين طردوا من الكنيسة المسيحية».
نعم. هكذا كان الإفرنج، والمسلم يعجز عن إدراكه، فها هو ذا ابن رضوان الذي كان نقيب أطباء القاهرة في منتصف القرن الحادي عشر، والذي كانوا يلقبونه بلقب «تمساح الشيطان» ذكر مرة في صدى الحديث عن واجبات الطبيب «أن يكون مأمونًا