للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أرقى وأقرب إلى المدنية من بقية العرب، هذا مما لا يشك فيه أحد من مؤرخي العرب وعلماء الإفرنج».

ليس الأمر كما يعتقد المشرف أو يريد أن يعتقد فهذه الرسالة التي أشرف عليها مشحونة بالأخطاء التي لن تصدر عن طالب مبتدئ في البحث وهي صدى لهذه الآراء التي كثيرًا ما رددها في الجامعة فضلًا عن أن المراجع العبرية لا تمت إلى البحث بصلة، والسيد المشرف لا يعرف العبرية وأخذ بالنتائج التي ينسبها الباحث إلى هذه المراجع العبرية دون التحقق منها ودون الاستنارة ببعض الذين يجيدون هذا النوع من الدراسات، والأمانة العلمية كانت تقتضي غير هذا.

إن البحث العلمي يجب ألا يصبغ بصبغة القومية المتعصبة، كما لا يتخذ وسيلة وسائل الدعاية السياسية أو الكسب المادي الرخيص، ويجب أن يسمو عن كل هذا وينظر إليه كقضية عالمية.

والحقيقة التي يجب أن يؤمن بها الجميع أن الباحث لن يخلط بين المثل العليا التي ينشدها وبين الحقيقة، وبخاصة إذا علمنا أن ما جاءنا عن اليونان أو ما يعرفه أولئك الأوربيون أو أتباعهم عن اليونانية لا يكاد يتعدى المسائل السطحية بخلاف الحال مع الشرق العربي وحضاراته وما انحدر لنا منها. فالمشرق العربي هو مركز الموجات الثقافية العارمة التي أدت إلى هذه الأحداث التاريخية العالمية، والتي غيرت وجه الوجود فنقلته من البدائية إلى الإنسانية ومن الأنانية إلى الإيثار. ففي مصر بزغ فجر الضمير ومنها أخذ اليهود ما أخذوا (١)، وفي بابل وأشور شريعة حمورابي وفيها الشيء الكثير من هذا التراث الذي نقله واضعو سفر التثنية، ولما عاد اليهود من السبى نقلوا معهم عن العرب البابليين الشيء الكثير مما نجده في كتابهم المقدس (٢)، وعند المعينيين والسبئيين العمارة وهندسة الري والتجارة، وقصة ملكة سبأ والدور الذي تلعبه في تاريخ الإسرائيليين وحياتهم الاقتصادية لا يخفى على أحد (٣). ومن


(١)) من الأدب العربي للدكتور فؤاد حسنين علي، ١٩٦٣، جامعة الدول العربية، معهد الدراسات العربية العالية.
(٢)) التوراة. عرض وتحليل للدكتور فؤاد حسنين علي، القاهرة ١٩٤٦.
(٣)) التاريخ العربي القديم. تأليف ديتلف نيلسون. فرتز هومل. ل. رودوكاناكيس وأدولف جرومان. ترجمه واستكمله فؤاد حسنين علي، القاهرة ١٩٥٨.

<<  <   >  >>