للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نطق أسفار العهد القديم نطقا صحيحا، فدفعهم هذا إلى التفكير في إعجام أسفارهم وإعرابها مقلدين العرب وناقلين عنهم.

وتأثر اليهود بالعرب أيضًا فأوجدوا ما يعرف في الأدب العبري بالشعر العبري الحديث أو (البيوتيم) فهذا الفن صورة من الشعر العربي وزنًا وقافية.

ولم يقف الأثر عند الشعر بل تعداه إلى النثر فبينما نجد يهوذا بن قريش (آخر القرن التاسع وأوائل العاشر الميلادي) يستشهد كثيرًا من مؤلفاته بالشعر العربي إذ بابن جناح القرطبي وأمثاله ينسجون على منوال نحويي العربية ولغوييها (١) كما ترجم العالم اليهودي الحريزي مقامات الحريري إلى العبرية وقلدها فأدخل فنا جديدا في الأدب العبري لم يكن معروفا من قبل. كذلك الأمثال العربية وجدت طريقها مع البيان والبديع إلى اليهود ولغتهم، فقد وضع يهوذا بن تبون مثلا كتابه المشهور «حكم العرب» وترجمت أسرة تبون وغيرها كثيرا من أمهات الكتب العربية سواء في الفلسفة أو الطب أو الرياضيات أو القصص الشعبية إلى العبرية، وليس هذا بمستبعد فالعرب ليسوا هم أصحاب فكرة المعزل (جيتو) فقد فتحو أمام اليهود دور العلم على مصراعيها ولم يفرقوا بينهم وبين غيرهم؛ لذلك استطاع اليهود القيام بدور الرواة من الشعراء إذ انسابوا في بعض البلاد المسيحية وأخذوا إلى جانب بعض العلماء العرب يلقنون الأوربيين ما انتهت إليه معرفتهم (٢).

ويحدثنا التاريخ اليهودي إن الإسلام أحسن معاملة اليهود حتى أولئك الذين اضطر النبي والخلفاء الراشدون إلى إجلائهم عن قلب الجزيرة العربية تأمينا لرسالة الإسلام وأتباعه، أقطعهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والإمام علي -كرم الله وجهه- الأراضي الواسعة بالقرب من الكوفة وعلى ضفاف الفرات مما دفع المؤرخ اليهودي الشهير «جريتز» إلى الإشادة بعدالة العرب وإنسانيتهم في كتابه «تاريخ اليهود» فقال:


(١)) التوطئة في اللغة العربية للدكتور فؤاد حسنين علي، القاهرة ١٩٤٠.
(٢)) من الأدب العبري لنفس المؤلف.

<<  <   >  >>