وثالثًا وليس أخيرًا احتذى اليهود حذو المسلمين مع القرآن الكريم فعنوا بدراسة كتابهم وشرعوا في وضع نحو للغتهم صيانة لها من اللحن والضياع.
هذه هي الحقيقة العلمية أسوقها للدكتور طه وتلميذه الدكتور إسرائيل ولفنسون.
والآن بعد أن استكملت ما تركته السيدة المؤلفة في هذا الموضوع بالذات أنتقل إلى الحديث عنها وعن مؤلفها الذي نقلته إلى العربية: السيدة المؤرخة الدكتورة «سيجريد هونكه» كريمة تاجر كتب مشهور، وقد ولدت في «كيل» ودرست في جامعات «كيل» و «فريبورج» و «برلين» الفلسفة ونفسية الشعوب والتاريخ، وبعد دراسة دامت ست سنوات حصلت على إجازة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة برلين، وقد عالجت في رسالتها الأثر العربي في الشعر الغنائي الأوربي، ثم مضت المؤلفة عامين مع زوجها الذي تذكر عنه أنه يجيد العربية في مراكش، كما قامت بعدة رحلات في الشرق تعرفت فيها على شعوبه وطبيعة بلاده وثقافاته. وفي عام ١٩٥٥ ظهر أول كتاب لها في تاريخ الثقافة عنوانه:«في البدء كان رجل وامرأة»، وقد عرضت فيه المؤلفة أيضا للثقافة العربية، ثم نشرت كثيرا من المقالات حول العلاقة بين العرب والأوربيين في الصحف والمجلات والبرامج العربية الإذاعية الألمانية. أما كتابها «شمس الله تشرف على الغرب» أو «فضل الغرب على أوربا» فهو نتيجة عمل شاق استنفذ من حياة المؤلفة سنوات كثيرة فطلع على القراء وهو يمثل خير كتاب ظهر في هذا الموضوع، فتلقفته أرقى اللغات الأجنبية ونقلته، كما قرظته الصحف والمجلات العلمية في ألمانيا وخارجها.
وقد عالجت المؤلفة مختلف نواحي النشاط العقلي العربي في ست وسبعين وثلثمائة صفحة فضلا عن كثير من الصور واللوحات. ونقل هذا التراث إلى العربية ليس بالأمر السهل، فهناك مفردات عربية الأصل بعدت الشقة بينها وبين صيغها في اللغات الأوربية حتى أصبح الرجوع بها إلى أصولها العربية يتطلب بحثًا وجهدًا، فضلًا عن أن معاجمنا اللغوية العربية لا تسعفنا في مثل هذه الحالات، فهي ليست