للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

شك قانون ابن سينا، فقد ظهر هذا الكتاب في فبراير ١٤٧٣ في ميلانو، وبعد عامين ظهرت الطبعة الثانية، بينما ظهر في نفس الوقت شرح ابن سينا، وقد نشره ذلك الإيطالي، وهو الكتاب المعروف باسم «روح ابن سينا» وظهرت طبعة ثالثة للقانون قبل طبع أول رسالة جالينوس؛ ومن ثم أخذت تتوالى الطبعات، فظهرت الطبعات الأولى لكتب المنصور والحاوي للرازي، ثم الكليات لابن رشد وإيساغوجي حنين بن إسحق والذي يعرف الآن برسم «يوحنتيوس».

ثم كتاب الأطعمة لإسحق يهوذا والكتاب الملكي لعلي بن عباس، وهكذا حتى عام ١٥٠٠ ظهرت الطبعة السادسة عشرة لكتب القانون بينما لم تظهر لجالينوس إلا طبعة أولى في مجلدين. وفي القرن السادس عشر بلغت الطبعات للقانون العشرين، ومن ثم أخذت تتوالى حتى منتصف القرن السادس عشر، وهكذا نجد قانون ابن سينا هو أكثر الكتب الطبية دراسة وانتشارًا في عالم الطب. أما طبعا شرحه فلا تحصى.

وفي القرن السادس عشر فقط، أخذ الطب الأوربي يشعر بالخجل من الطب العربي، وذلك لأنه ظل زمنًا طويلًا ينقل ويقتبس ويأخذ عن العربي حتى إنه كان صورة مشوهة منه، ولا يوجد مثل أصدق يصور لنا الحالة التي كان عليها الطب الأولى من هذه العبارات الخاوية التي تدل على لا شيء والتي قالها «باراسيلسوس» في ميدان السوق بمدينة «بازل» عندما أحرق علانية كتب جالينوس وابن سينا مما أثار غضب الشعب.

لكن يجب ألا يتبادر إلى أذهاننا أن هذه العملية التي قام بها «بارسيلسوس» جاءت بنتيجة ما فالعلم العربي ظل قائمًا يزين رؤوس العلماء المفكرين، ودور الكتب الأوربية لم تتوان في اقتناء هذه الكتب العربية والتنافس في هذا الاقتناء والمفاخرة به بل حتى حقائب الأطباء كانت غاصة بهذه المؤلفات العربية الطبية. نعم إن ميخائيل ثروت هاجم وانتقد الشراب العربي الذي اعتمد على مبدأ العصير اليوناني، لكنه في نفس الوقت نشر الاختراع العربي للدورة الدموية الصغرى دون أن يذكر المراجع العربية التي أخذ عنها.

<<  <   >  >>