للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلام بثقافته وحضارته أينعت وازدهرت، وإبان الدولة الإسلامية لم تكن الثقافة الفارسية هي التي جاءت إلى العالم بأمثال الرازي وابن سينا، لكنها الثقافة العربية هي التي أرضعت هؤلاء من لبانها وهي التي نشأتهم النشأة العلمية بالرغم من أنهم انحدروا من أصل فارسي.

والآن نجد العلماء من مختلف العقائد يعملون معًا ويبنون متساندين متعاونين الحضارة العربية والثقافة العربية والعلوم العربية. فكما نجد كتبًا وضعها مسلمون ومسيحيون ويهود وصابئون معًا وغزوا بها دور الكتب العربية، نجد تسامحًا عربيًا.

كذلك لم يحقر من شأن المسيحيين كمعلمين ودخل هذا التسامح إلى مدارس الوثنيين للاغتراف من ينابيع المعرفتين اليونانية والهندية.

وهذا يتفق تمامًا والحديث النبوي الشريف: «طَلَبُ الْعِلْمِ عِبَادة». «العِلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» هكذا جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - طلب العلم فريضة دينية «اطلبوا العِلم من المَهد إلى اللَّحد». هكذا نجد النبي - صلى الله عليه وسلم - يحرص دائمًا على توجيه المسلمين إلى العلم فطلب العلم أجره أجر الصوم وتعليم العلم يقابل الصلاة، والنظر إلى الوجود وعظمته يقوي إيمان العربي وخشوعه فالعلم يهدي إلى الإيمان «ولو في الصين»، وقد حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على إخراج المسلمين والإسلام من الحدود الجغرافية الشعبية الضيقة إلى الكون: فالعلم وطلبه عبادة فجميع المعارف مصدرها الله وإليه تعود لذلك قيل: «اطلبوا العلم من أي منبع». في سبيل الله اطلب العلم ولو من شفاه غير المؤمنين. ألم يقل الله إن علم الدنيا غباء؟ ويتساءل بولس الرسول على النقيض قائلًا: يوجد مكتوب أريد أن أهدم حكمة الحكماء وأحطم عقل العقلاء: «إن البغاء الموجود في الوجود اختاره الله وهذا يسيء إلى الحكماء».

رأيان. عالمان يفترقان افتراق الماء والنار وهما يعينان الطريقين المتضادين للحياة العقلية في الشرق والغرب؛ لذلك يتسع أخيرًا الفرق بين الثقافة العربية الرفيعة والمستوى المدني المعاصر في أوربا المسيحية. فماذا تفيده جميع حكمة الوجود أمام حكمة الله. إن المثل الأعلى الذي يتطلبه بولس هو مثل آخر ليس أقل إلا أنه يهدف

<<  <   >  >>