إلى غاية أخرى إلى حقيقة أخرى. «إني أحترم معرفة الله والروح» هكذا حدد «أوجسطين» قطب المعرفة، وإن النظر إلى الحقيقة نظر إلى الله، وهي ليست في حاجة إلى مساعدة خارجية، وإن المصدر الإلهي الوحيد عند المسيحيين هو الوحي، فقصة الخلق ذكرت كل المعلومات الضرورية حول السماء والأرض والجنس البشري. ووجود أشياء معارضة لهذا أو لا تتفق وهذه المعلومات لا يمكن أن توجد كما قرر «أوجسطين»، وذلك لأن الكتاب المقدس لم يذكر بين أبناء آدم جنسًا من هذا الصنف.
لذلك يجب أن تحل اللعنة على الفكرة القائلة بكروية الأرض:«هل هذا ممكن؟ » هكذا سأل معلم الكنيسة «لاكتنتيوس» وقال: «كيف تبلغ البلاهة بالناس حدًا كهذا ويعتقدون في مثل هذه الخرافة؟ كيف يعتقدون أن دولا وأشجارًا تتدلى من الجانب الآخر للأرض»، وإن سيقان الناس أعلى من رؤوسهم؟ فقد اعتقد بعضهم أن الأرض عبارة عن تل تدور حوله الشمس بين الصباح والمساء.
ويعتقد «هربانوس موروس» أن الأرض عبارة عن فلقة مستديرة كالعجلة يلطمها المحيط. وهكذا نجد التقدم الذي بلغته الإنسانية منذ قرون عديدة يختفي ويتلاشى وتعود عصور السذاجة إلى الظهور من حيث النظر إلى الوجود نظرة تحيطها الخرافات وعوامل السحر والشعوذة.
كذلك حلت اللعنة أيضًا واللعنة القوية على كل من يفكر في قانون النسبية لتعليل الظواهر الطبيعية، وليست اللعنة فقط بل الكفر بالله، كذلك كافر كل من يربط بين ظهور النجم أو الفيضان أو ولادة غير طبيعية أو شفاء كسر في الساق وبين الأسباب الطبيعية، وتعليل حدوث هذه بتلك حتى ولو كان هذا من صنع الله كعقوبة أو قصاص أو من عمل الشياطين أو أن هذا الحدث معجزة من المعجزات.
هل القوى العقلية وقد استولت عليها الرغبة القوية في سبيل معرفة الله تتيه في هذا البحر الإلهي؟ أو هل تستطيع أن تشد أبنية شامخة من الفلسفة والتعاليم الفلسفية تحت سماء اللاهوت وقد شملت هذه السماء كل شيء وأصبحت تعلو شامخة وكأنها قبة زرقاء؟ لذلك كانت الكنيسة في ظلال هذه الأبنية التي تناطح