الجراف الألماني استخدام القوة لإجبار المسلمين من رعاياه على تغيير عقائدهم، لذلك نجد الأسقف الإنجليزي «أنسلم» يذكر أنه لما دخل الخيام العربية المقامة أمام أسوار «كبوا» غضب الأمير النورماني غضبًا شديدًا، لما شعر أن هذا الأسقف الإنجليزي أخذ يبشر بالمسيحية بين جنوده المسلمين. وقد كتب مؤرخ الأسقف الإنجليزي يقول:«لماذا لم يرغب ورفض الجراف روجير أمير صقلية أن مسلمًا واحدًا من مسلمي صقلية يعتنق المسيحية، هذا ما لا أريد الاهتمام به وسيعاقبه الله».
ولكن «عبد الله» مزخرف ملابس وأقمشة الملك روجير الثاني علم منذ زمن بعيد أن ضغط الأسد النورماني ليس ثقيلا على مواطنيه وأبناء ملته فقد كانوا يتلقون علومهم في مدارسهم العربية، ومساجدهم وحماماتهم وأسواقهم كانت قائمة يقصدها المسلمون لإقامة شعائرهم وقضاء مصالحهم، كما منحهم الملك ثقته فاختار من بينهم أحسنهم دربة على الأعمال الإدارية لإدارة بلاده، كما شكل من بينهم فرقة عسكرية دائمة عاملة للضرب على أيدي المتمردين من أمراء «أبوليا»، كما أن الملك كان في حاجة ماسة إلى المسلمين لتنظيم وتدعيم وتثبيت دولته الفتية، وما كان في استطاعته النهوض بهذا العبء دون مساعدة العربي الذي كان الباب مفتوحًا أمامه بلوغ أعلى مراتب الدولة سواء في الوظائف المدنية أو العسكرية أو في الحاشية، كما ذكر مؤرخ عربي أن ملك النورمانيين قد تخلق بعادات وخلق ملوك المسلمين، فأوجد في حاشيته وظائف جديدة، وبذلك أخذ يتخلص تدريجيًا من عادات الإفرنج وتقاليدهم وبخاصة أنه لم تكن لديهم مثل هذه الوظائف التي خلقها كوظيفة أمير البحر مثلا.
وتعيين أمير للبحر كان أمرًا ضروريًا إذ بعد الاستيلاء على الجزيرة أصبحت الحاجة ماسة إلى إنشاء أسطول دائم للدفاع عنها، كما كان حالها عندما كانت تحت سيطرة العرب، ولما كانت بالرمو هي عاصمة هذه الجزيرة، فقد أخذت تحتل مكانًا رفيعًا هامًا، كما أصبحت هي مركز القوة البحرية الرئيسية، وأصبح أمير بالرمو هو أمير الأسطول «أمير الرحل»، أعني أمير البحر (أدميرال).