ولم يكن شغل الأداة الحكومية مقصوراً على العناية بالموظفين والجيش بل أولت النباتات العربية اهتماماً صادقاً، فقد اهتمت الدولة مثل «الحنا» و «النيلة» و «قصب السكر»، كما اعتنت بالفلاحين وعملت على رفع مستواهم الاجتماعي. وكانت عيون الدولة شأنها شأن العيون العربية يقظة في مراقبة التاجر وموازينه ومكاييله، وكذلك العناية بتخزين المواد التموينية وحالتها. وكانت الدولة تعنى بفحص مواد التموين والمذابح التي يجب أن تقوم حسب الطريقة الشرقية خارج المدن، كما درجت الدولة على اختيار الصناع وموظفي المصارف والصيارفة والطبيب والصيدلي.
وكانت الدراسة تسير حسب منهج مرسوم ومدروس من قبل «ولما كانت دراسة الطب تتطلب قبل كل شيء الإلمام بالمنطق، لذلك تقرر ألا يقبل طالب في مدرسة الطب إلا بعد أن يمضي ثلاث سنوات من قبل في دراسة المنطق»، ثم ينتقل إلى الطب فيقضي على الأقل خمس سنوات وكذلك الحال في الجراحة والتشريح مع إجراء تجارب عملية في الجثث. كذلك على طالب الطب أن يجتاز امتحانين أمام الكلية وأمام القيصر أو مندوبه. وبعد أن يجتاز الطالب الامتحان يمضي خمسة أعوام في المستشفى نائبا، وبعد ذلك فقط يصرح له مباشرة مهنة الطب. أما الجراح فمسئوليته أكبر ورسالته أخطر، لذلك لا يصرح له مباشرة عمله إلا بعد الحصول على ترخيص خاص، وذلك بعد أن يثبت إلمامه بعلم التشريح والطب إلماماً عظيماً.
فهذه المعلومات ضرورية جداً لإجراء عملية جراحية أو إتمام العلاج ومتابعته حتى يتم الشفاء. «وزيادة في الدقة» يجب عليه استخدام إسفنجة التخدير العربية التي أدخلها «هوجو فون لوقا».
أما عدد زوار المستشفى يومياً وقيمة أتعاب الطبيب، فقد حددتها الدولة. أما الفقراء فكانوا يعالجون دون مقابل، كذلك الصيدلي كان يخضع لنظام خاص ينظم علاقاته بالمرضى أولاً وبالدولة ثانياً، فالصيدلي كان يخضع دائماً لرقابة موظفي الصحة ورجال شرطتها.