للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال محمد بن عبد العزيز: فمدحوا بذلك، وقال فيه زهير بن أبي سلمى قصيدته:

أمن أم أوفي دمنة لم تكلم ...

فذكرهما فيها فقال:

تداركتما عبساً وذبيان بعدما ... تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم

فأصبح يجرى فيهم من تلادكم ... مغانم شتى من أفال المزنم

بنجمها قوم لقوم غرامة ... ولم يهريقوا بينهم ملء محجم

وذكر قيامهم في ذلك فقال:

صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو ...

وهي قصيدة يقول فيها:

تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها ... وذبيان قد زلت بأقدامها النعل

وهذه لهم شرف إلى الآن. ورجع فدخل بها، فولدت له بنين وبنات».

(الأغاني. ج ١٠ ص ٢٩٤ ... مطبعة دار الكتب المصرية).

ثم سكت القاص ويصيح المستمعون: «ما شاء الله». لقد أدرك ما يهمهم. و «بهيسة» ما زالت المرأة التي تهواها قلوبهم. أربعة أو خمسة أجيال قد مضت منذ أن جعل الإسلام آلهة الجاهلية دون الملائكة وأعلن عبادة الواحد الأحد الفرد الصمد. لكن بالرغم من ذلك ما زال الإنسان في دمشق الفيحاء يتذاكر أخبار الجاهلية العربية في قصر الأمويين حيث كانت العربية الأصيلة النبيلة تستولي على قلوب الرجال، وحيث كانت المرأة العربية الأصيلة العظيمة تدفع الرجل إلى الحرب والكفاح والبطولة، وكان منحها البطولة لشخص ما مفخرة الأجيال.

ها هي ذي امرأة مستقلة تاجرة تقف في الحياة العامة ومعتركها، وهي الأرملة الغنية «خديجة» أولى زوجات رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم -، عاش معها أربعة وعشرين

<<  <   >  >>