عاماً وولدت له ستة أطفال، وهي مع ذلك تمثل السيدة النبيلة الواعية الحاضرة البديهة الذكية، إنها المثل الأعلى للأرستقراطية العربية، فقد رغب إليها النبي صلى الله عليه وسلم أن تتثقف وتتعلم مثلها مثل الرجل. وهناك علماء مشهورون يرشحون المرأة لوظيفة القضاء، كما زارت المسجد وألقت المحاضرات العامة وشرعت.
ومن النساء من أصبحت مدعية عامة واشتهرت بلقب نقيبة رجال الشرع فهي «شيخة» وأستاذة وإنها لفخر النساء. هكذا كانت تكرم العالمة «شهدة» فخر النساء بنت أبي نصر أحمد، وقد تلقت العلم على مشاهير العلماء، ثم حصلت على إجازة التدريس، وأصبحت منارة العلم. كما نجد شاعرات ينافسن الشعراء كما كان الحال قدما، ولا تشعر شاعرة منهن بأنها تعامل معاملة شاذة. والواقع أن العربية لم تكن رهينة البيت طالما كانت الأرستقراطية العربية هي المهيمنة على المجتمع العربي. لكن هذا الوضع قد تغير.
ففي بغداد في قصر العباسيين هبت ريح أخرى جاءت من الشمال إذ وفدت جماعات من الجواري الفارسيات والروميات ومن بينهن من أصبحن أمهات خلفاء فأدخلن بدورهن عادات وتقاليد غريبة على المجتمع العربي والأسرة العربية، لقد أدخلن الحجاب ونظام الحريم، وهذه تقاليد إيرانية قديمة ترجع إلى العهد الذي كان يسود فيه إيران والعقائد الإيرانية المذهب الثنائي أو الإثنينية:
١. الحرمان من الحرية.
٢. وضع المرأة الفارسية في منزلة دون منزلة الرجل.
وهذه الحالات لم تعرفها العروبة ولم تقل بها الشريعة الإسلامية. فالحجاب والبعد عن الحياة الاجتماعية لم يقل بهما الإسلام. فقد خاطب المؤمنين كما خاطب المؤمنات: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ