وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: ٣٠، ٣١] وكذلك دعا القرآن الكريم النساء إلى عدم التبرج: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}[الأحزاب: ٣٣] وأين يبدأ الجزء الفاتن في المرأة، الذي يجب ستره؟ هذا هو موضوع النزاع بين الفقهاء، فمنهم من قصره على الثديين، ومنهم من قال الوجه أيضاً وأجمعوا على أن اليدين فقط هما ما تظهرهما المرأة .. أما الاستقرار في البيوت جرياً وراء التقاليد الفارسية وتكليف الخصيان خدمتهن حسب العادات البيزنطية التي كانت أصلاً مظهراً من مظاهر الأرستوقراطية، فقد عممت استغلالاً لقول القرآن الكريم:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} الذي كان يقصد به «أزواج النبي» ومن ثم بولغ فيه فحد المجتمع من نشاط المرأة.
وهذه الضربة القاصمة التي أصابت المرأة جاءتها من حاكم لا حول له ولا سلطان، خليفة مصاب بعقدة نفسية غبي بليد ألا وهو الخليفة القادر.
ومن الأسباب التي ساعدت على قيام تعدد الزوجات، الذي كان معروفاً منذ الجاهلية، الرغبة في كثرة النسل لتعزيز القبيلة وتقوية أواصر القرابة بين الأسرات وتعويض ضحايا الثأر والانتقام والرحيل. ولما جاء الإسلام قرر فرض زعامة العرب على الشعوب المغلوبة التي فتح الإسلام بلادها والحرص على عدم الامتزاج والفناء في الشعوب الأخرى. والحقيقة تقال: إن الأمويين في معركة ضد البربر خسروا ما لا يقل عن عشرة آلاف من أفراد أسرهم وأتباعهم. وفي عصر المأمون نجد البيت العباسي يضم نحو ثلاثة وثلاثين ألف نسمة. لكن الشيء الذي كان ضرورياً في العصور الأولى اتجه، بعد أن استقر السلطان العربي، اتجاهاً آخر يتعارض والسيادة التي كانت تتمتع بها البيوتات العربية القديمة. فالاختلاط مع الأجانب والزواج من أجنبيات والتسامح في المثل العليا التي كان يتطلبها العربي من زوجته، كانت من أسباب الانحلال والاضحلال فيما بعد.